قوله تعالى: ﴿وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ﴾ يجوز في غير القرآن ضم بفتح الميم وكسرها لالتقاء الساكنين، والفتح أجود لخفته، والكسر على الأصل ويجوز الضم على الإتباع ويد أصلها يدي على فعل؛ يدل على ذلك أيد وتصغيرها يدية. والجناح العضد؛ قاله مجاهد. وقال: ﴿إِلَى﴾ بمعنى تحت. قطرب: ﴿إِلَى جَنَاحِكَ﴾ إلى جيبك؛ ومنه قول الراجز:
أضمه للصدر والجناح
وقيل: إلى جنبك فعبر عن الجنب بالجناح لأنه مائل في محل الجناح. وقيل إلى عندك. وقال مقاتل ﴿إِلَى﴾ بمعنى مع أي مع جناحك. ﴿تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ﴾ من غير برص نورا ساطعا، يضيء بالليل والنهار كضوء الشمس والقمر وأشد ضوءا. عن ابن عباس وغيره: فخرجت نورا مخالفة للونه. و ﴿بَيْضَاءَ﴾ نصب على الحال، ولا ينصرف لأن فيها ألفي التأنيث لا يزايلانها فكأن لزومهما علة ثانية، فلم ينصرف في النكرة، وخالفتا الهاء لأن الهاء تفارق الاسم. و ﴿مِنْ غَيْرِ سُوءٍ﴾ ﴿مِنْ﴾ صلة ﴿بَيْضَاءَ﴾ كما تقول: ابيضت من غير سوء. ﴿آيَةً أُخْرَى﴾ سوى العصا. فأخرج يده من مدرعة له مصرية لها شعاع مثل شعاع الشمس يعشي البصر. و ﴿آيَةً﴾ منصوبة على البدل من بيضاء؛ قاله الأخفش. النحاس: وهو قول حسن. وقال الزجاج: المعنى آتيناك آية أخرى أو نؤتيك؛ لأنه لما قال: ﴿تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ﴾ دل على أنه قد آتاه آية أخرى. ﴿لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى﴾ يريد العظمى. وكان حقه أن يقول الكبيرة وإنما قال ﴿الْكُبْرَى﴾ لوفاق رؤوس الآي. وقيل: فيه إضمار؛ معناه لنريك من آياتنا الآية الكبرى دليله قول ابن عباس يد موسى أكبر آياته.
الآيات: ٢٤ - ٣٥ ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى، قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي، وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي، يَفْقَهُوا قَوْلِي، وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي، كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً، وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً، إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً﴾