وجدنا أبانا كان حل ببلدة
البيت. وقيل: ﴿مَكَاناً سُوَىً﴾ أي قصدا؛ وأنشد صاحب هذا القول:

لو تمنت حبيبتي ما عدتني أو تمنيت ما عدوت سواها
وتقول: مررت برجل سواك وسواك وسوائك أي غيرك. وهما في هذا الأمر سواء وإن شئت سواءان. وهم سواء للجمع وهم أسواء؛ وهم سواسية مثل ثمانية على غير قياس. وانتصب ﴿مَكَاناً﴾ على المفعول الثاني لـ ﴿جعل﴾. ولا يحسن انتصابه بالموعد على أنه مفعول أو ظرف له؛ لأن الموعد قد وصف، والأسماء التي تعمل عمل الأفعال إذا وصفت أو صغرت لم يسغ أن تعمل لخروجها عن شبه الفعل، ولم يحسن حمله على أنه ظرف وقع موقع المفعول الثاني؛ لأن الموعد إذا وقع بعده ظرف لم تجره العرب مجرى المصادر مع الظروف، لكنهم يتسعون فيه كقوله تعالى: ﴿إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ﴾ [هود: ٨١]قوله تعالى: ﴿قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ﴾ واختلف في يوم الزينة، فقيل هو يوم عيد كان لهم يتزينون ويجتمعون فيه؛ قاله قتادة والسدي وغيرهما. وقال ابن عباس وسعيد بن جبير: كان يوم عاشوراء. وقال سعيد بن المسيب: يوم سوق كان لهم يتزينون فيها؛ وقاله قتادة أيضا. وقال الضحاك: يوم السبت. وقيل: يوم النيروز؛ ذكره الثعلبي. وقيل: يوم يكسر فيه الخليج؛ وذلك أنهم كانوا يخرجون فيه يتفرجون ويتنزهون؛ وعند ذلك تأمن الديار المصرية من قبل النيل. وقرأ الحسن والأعمش وعيسى الثقفي والسلمي وهبيرة عن حفص ﴿يَوْمُ الزِّينَةِ﴾ بالنصب. ورويت عن أبي عمرو؛ أي في يوم الزينة إنجاز موعدنا. الباقون بالرفع على أنه خبر الابتداء. ﴿وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحىً﴾ أي وجمع الناس؛ فـ ﴿أَنْ﴾ في موضع رفع على قراءة ﴿يَوْمُ﴾ بالرفع. وعطف ﴿وَأَنْ يُحْشَرَ﴾ يقوي قراءة الرفع؛ لأن ﴿أَنْ﴾ لا تكون ظرفا، وإن كان المصدر الصريح يكون ظرفا كمقدم الحاج؛ لأن من قال أتيك مقدم الحاج لم يقل آتيك أن يقدم الحاج. النحاس: وأولى هذا أن يكون في موضع خفض عطفا على الزينة. والضحا مؤنثة تصغرها العرب بغير هاء لئلا يشبه تصغيرها ضحوة؛ قاله النحاس. وقال الجوهري:


الصفحة التالية
Icon