أراد إنه من يدخل؛ أي أن الأمر هذا؛ أن المجرم يدخل النار، والمؤمن يدخل الجنة. والمجرم الكافر. وقيل: الذي يقترف المعاصي ويكتسبها. والأول أشبه؛ لقوله: ﴿فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى﴾ وهذه صفة الكافر المكذب الجاحد - على ما تقدم بيانه في سورة “النساء” وغيرها - فلا ينتفع بحياته ولا يستريح بموته. قال الشاعر:
ألا من لنفس لا تموت فينقضي | شقاها ولا تحيا حياة لها طعم |
قوله تعالى: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ بيان للدرجات وبدل منها، والعدن الإقامة. ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا﴾ أي من تحت غرفها وسررها ﴿الْأَنْهَارُ﴾ من الخمر والعسل واللبن والماء. ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ أي ماكثين دائمين. ﴿وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى﴾ أي من تطهر من الكفر والمعاصي. ومن قال هذا من قول السحرة قال: لعل السحرة سمعوه من موسى أو من بني إسرائيل إذ كان فيهم بمصر أقوام، وكان فيهم أيضا المؤمن من آل فرعون.
قلت: ويحتمل أن يكون ذلك إلهاما من الله لهم أنطقهم بذلك لما آمنوا؛ والله أعلم.
الآيات: ٧٧ - ٧٩ ﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخَافُ دَرَكاً وَلا تَخْشَى، فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ، وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى﴾
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي﴾ تقدم. ﴿فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً﴾ أي يابسا لا طين فيه ولا ماء. وقد مضى في البقرة.