ولم يقل رتقين؛ لأنه مصدر؛ والمعنى كانتا ذواتي رتق. وقرأ الحسن ﴿رَتَقاً﴾ بفتح التاء. قال عيسى بن عمر: هو صواب وهي لغة. والرتق السد ضد الفتق، وقد رتقت الفتق أرتقه فارتتق أي التأم، ومنه الرتقاء للمنضمة الفرج. قال ابن عباس والحسن وعطاء والضحاك وقتادة: يعني أنها كانت شيط واحدا ملتزقتين ففصل الله بينهما بالهواء. وكذلك قال كعب: خلق الله السموات والأرض بعضها على ثم خلق ريحا بوسطها ففتحها بها، وجعل السموات سبعا والأرضين سبعا. وقول ثان قال مجاهد والسدي وأبو صالح: كانت السموات مؤتلفة طبقة واحدة ففتقها فجعلها سبع سموات، وكذلك الأرضين كانت مرتتقة طبقة واحدة ففتقها فجعلها سبعا. وحكاه القتبي في عيون الأخبار له، عن إسماعيل بن أبي خالد في قول الله عز وجل: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا﴾ قال: كانت السماء مخلوقة وحدها والأرض مخلوقة وحدها، ففتق من هذه سبع سموات، ومن هذه سبع أرضين؛ خلق الأرض العليا فجعل سكانها الجن والإنس، وشق فيها الأنهار وأنبت فيها الأثمار، وجعل فيها البحار وسماها رعاء، مسيرة خمسمائة عام؛ ثم خلق الثانية مثلها في العرض والغلظ وجعل فيها أقواما، أفواههم كأفواه الكلاب وأيديهم أيدي الناس؛ وآذانهم آذان البقر وشعورهم شعور الغنم، فإذا كان عند اقتراب الساعة ألقتهم الأرض إلى يأجوج ومأجوج، واسم تلك الأرض الدكماء، ثم خلق الأرض الثالثة غلظها مسيرة خمسمائة عام، ومنها هواء إلى الأرض. الرابعة خلق فيها ظلمة وعقارب لأهل النار مثل البغال السود، ولها أذناب مثل أذناب الخيل الطوال، يأكل بعضها بعضا فتسلط على بني آدم. ثم خلق الله الخامسة [مثلها] في الغلظ والطول والعرض فيها سلاسل وأغلال وقيود لأهل النار. ثم خلق الله الأرض السادسة واسمها ماد، فيها حجارة سود بهم، ومنها خلقت تربة آدم عليه السلام، تبعث تلك الحجارة يوم القيامة وكل حجر منها كالطود العظيم، وهي من كبريت تعلق في أعناق الكفار فتشتعل حتى تحرق وجوههم وأيديهم، فذلك قول عز وجل: ﴿وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [البقرة: ٢٤] ثم خلق الله الأرض السابعة واسمها عربية وفيها جهنم، فيها بابان اسم


الصفحة التالية
Icon