وقوله تعالى: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأحقاف: ٢٥] والصحيح العموم؛ لقول عليه السلام: "كل شي خلق من الماء" والله أعلم. ﴿أَفَلا يُؤْمِنُونَ﴾ أي أفلا يصدقون بما يشاهدون، وأن ذلك لم يكن بنفسه، بل لمكون كونه، ومدبر أوجده، ولا يجوز أن يكون ذلك المكون محدثا.
قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ﴾ أي جبالا ثوابت. ﴿أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ﴾ أي لئلا تميد بهم، ولا تتحرك ليتم القرار عليها؛ قاله الكوفيون. وقال البصريون: المعنى كراهية أن تميد. والميد التحرك والدوران. يقال: ماد رأسه؛ أي دار. ومضى في “النحل” مستوفى. ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً﴾ يعني في الرواسي؛ عن ابن عباس. والفجاج ا لمسالك. والفج الطريق الواسع بين الجبلين. وقيل: وجعلنا في الأرض فجاجا أي مسالك؛ وهو اختيار الطبري؛ لقوله: ﴿لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ أي يهتدون إلى السير في الأرض. ﴿سُبُلاً﴾ تفسير الفجاج؛ لأن الفج قد يكون طريقا نافذا مسلوكا وقد لا يكون. وقيل: ليهتدوا بالاعتبار بها إلى دينهم.
قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً﴾ أي محفوظا من أن يقع ويسقط على الأرض؛ دليله قوله تعالى: ﴿وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [الحج: ٦٥]. وقيل: محفوظا بالنجوم من الشياطين؛ قاله الفراء. دليله قوله تعالى: ﴿وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ﴾ [الحجر: ١٧]. وقيل: محفوظا من الهدم والنقض، وعن أن يبلغه أحد بحيلة. وقيل: محفوظا فلا يحتاج إلى عماد. وقال مجاهد: مرفوعا. وقيل: محفوظا من الشرك والمعاصي. ﴿وَهُمْ﴾ يعني الكفار ﴿عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ﴾ قال مجاهد يعني الشمس والقمر. وأضاف الآيات إلى السماء لأنها مجعولة فيها، وقد أضاف الآيات إلى نفسه في مواضع، لأنه الفاعل لها. بين أن المشركين غفلوا عن النظر في السموات وآياتها، من ليلها ونهارها، وشمسها وقمرها، وأفلاكها ورياحها وسحابها، وما فيها من قدرة الله تعالى، إذ لو نظروا واعتبروا لعلموا أن لها صانعا قادرا فيستحيل أن يكون له شريك.