قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً﴾ أي ما يتخذونك. والهزاء السخرية؛ وقد تقدم وهم المستهزئون المتقدمو الذكر في آخر سورة “الحجر” في قوله: ﴿إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ﴾ [الحجر: ٩٥]. كانوا يعيبون من جاحد إلهية أصنامهم وهم جاحدون لإلهية الرحمن؛ وهذا غاية الجهل. ﴿أَهَذَا الَّذِي﴾ أي يقولون: أهذا الذي؟ فأضمر القول وهو جواب “إذا” وقوله: ﴿إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً﴾ كلام معترض بين “إذا” وجوابه. ﴿يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ﴾ أي بالسوء والعيب. ومنه قول عنترة:

لا تذكري مهري وما أطعمته فيكون جلدك مثل جلد الأجرب
أي لا تعيبي مهري. ﴿وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ﴾ أي بالقرآن. ﴿هُمْ كَافِرُونَ﴾ ﴿هُمْ﴾ الثانية توكيد كفرهم، أي هم الكافرون مبالغة في وصفهم بالكفر.
الآيات: ٣٧ - ٤٠ ﴿خُلِقَ الْأِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ، وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ، بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿خُلِقَ الْأِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ أي ركب على العجلة فخلق عجولا؛ كما قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ﴾ [الروم: ٥٤] أي خلق الإنسان ضعيفا. ويقال: خلق الإنسان من الشر أي شريرا إذا بالغت في وصفه به. ويقال: إنما أنت ذهاب ومجيء. أي ذاهب جائي. أي طبع الإنسان العجلة، فيستعجل كثيرا من الأشياء وإن كانت مضرة. ثم قيل: المراد بالإنسان آدم عليه السلام. قال سعيد بن جبير والسدي: لما دخل الروح في عيني


الصفحة التالية
Icon