وروى معمر عن ابن أبي نجيح عن قال: ﴿يُنْصَرُونَ﴾ أي يحفظون. قتادة: أي لا يصحبهم الله بخير، ولا يجعل رحمته صاحبا لهم.
قوله تعالى: ﴿بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ﴾ قال ابن عباس: يريد أهل مكة. أي بسطنا لهم ولآبائهم في نعيمها ﴿حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ في النعمة. فظنوا أنها لا تزول عنهم، فاغتروا وأعرضوا عن تدبر حجج ﴿أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ أي بالظهور عليها لك يا محمد أرضا بعد أرض، وفتحها بلدا بعد بلد مما حول مكة؛ قال معناه الحسن وغيره. وقيل: بالقتل والسبي؛ حكاه الكلبي. والمعنى واحد. وقد مضى في “الرعد” الكلام في هذا مستوفى. ﴿أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ يعني، كفار مكة بعد أن نقصنا من أطرافهم، بل أنت تغلبهم وتظهر عليهم.
الآيتان: ٤٥ - ٤٦ ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ، وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾.
قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾ أي أخوفكم وأحذركم بالقرآن. ﴿وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ﴾ أي من أصم الله قلبه، وختم على سمعه، وجعل على بصره غشاوة، عن فهم الآيات وسماع الحق. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي ومحمد بن السميقع ﴿وَلاَ يُسْمَعُ﴾ بياء مضمومة وفتح الميم على ما لم يسم فاعله ﴿الصُّمُّ﴾ رفعا أي إن الله لا يسمعهم. وقرأ ابن عامر والسلمي أيضا، وأبو حيوة ويحيى بن الحرث ﴿وَلاَ تُسْمعُ﴾ بتاء مضمومة وكسر الميم ﴿الصُّمَّ﴾ نصبا؛ أي إنك يا محمد ﴿لاَ تُسْمعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ﴾ ؛ فالخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم. ورد هذه القراءة بعض أهل اللغة. وقال: وكان يجب أن يقول: إذا ما تنذرهم. قال النحاس: وذلك جائز؛ لأنه قد عرف المعنى.


الصفحة التالية
Icon