اليمن الحطب، وكل ما هيجت به النار وأوقدتها به فهو حضب؛ ذكره الجوهري. والموقد محضب. وقال أبو عبيدة في قوله تعالى: ﴿حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ كل ما ألقيته في النار فقد حصبتها به. ويظهر من هذه الآية أن الناس من الكفار وما يعبد ون من الأصنام حطب لجهنم. ونظير هذه الآية قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [البقرة: ٢٤]. وقيل: إن المراد بالحجارة حجارة الكبريت؛ على ما تقدم في "البقرة" وأن النار لا تكون على الأصنام عذابا ولا عقوبة؛ لأنها لم تذنب، ولكن تكون عذابا على من عبد ها: أول شيء بالحسرة، ثم تجمع على النار فتكون نارها أشد من كل نار، ثم يعذبون بها. وقيل: تحمى فتلصق بهم زيادة في تعذيبهم وقيل: إنما جعلت في النار تبكيتا لعبادتهم.
قوله تعالى: ﴿أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾ أي فيها داخلون. والخطاب للمشركين عبد ه الأصنام؛ أي أنتم واردوها مع الأصنام. ويجوز أن يقال: الخطاب للأصنام وعبد تها؛ لأن الأصنام وإن كانت جمادات فقد يخبر عنها بكنايات الآدميين. وقال العلماء: لا يدخل في هذا عيسى ولا عزير ولا الملائكة صلوات الله عليهم؛ لأن “ما” لغير الآدميين. فلو أراد ذلك لقال: “ومن”. قال الزجاج: ولأن المخاطبين بهذه الآية مشركو مكة دون غيرهم.
الآيتان: ٩٩ - ١٠٠ ﴿لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ، لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا﴾ أي لو كانت الأصنام آلهة لما ورد عابدوها النار. وقيل: ما وردها العابدون والمعبودون؛ ولهذا قال: ﴿وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.
قوله تعالى: ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ﴾ أي لهؤلاء الذين وردوا النار من الكفار والشياطين؛ فأما الأصنام فعلى الخلاف فيها؛ هل يحييها الله تعالى ويعذبها حتى يكون لها زفير أو لا؟ قولان: والزفير صوت نفس المغموم يخرج من القلب. وقد تقدم في “هود”. {وَهُمْ فِيهَا


الصفحة التالية
Icon