في "البقرة". ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً﴾ قيل: الأحكام والمعرفة بها. وروى معمر أن الصبيان قالوا ليحيى: اذهب بنا نلعب؛ فقال: ما للعب خلقت. فأنزل الله تعالى ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً﴾ وقال قتادة: كان ابن سنتين أو ثلاث سنين. وقال مقاتل: كان ابن ثلاث سنين. و"صبيا" نصب على الحال. وقال ابن عباس: من قرأ القرآن قبل أن يحتلم فهو ممن أوتي الحكم صبيا. وروي في تفسير هذه الآية من طريق عبد الله بن عمر عن النبي ﷺ قال: "بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب إلا ما كان من يحيى بن زكريا". وقال قتادة: إن يحيى عليه السلام لم يعص الله قط بصغيرة ولا كبيرة ولاهم بامرأة. وقال مجاهد: وكان طعام يحيى عليه السلام العشب، كان للدمع في خديه مجار ثابتة. وقد مضى الكلام في معنى قوله: ﴿وَسَيِّداً وَحَصُوراً﴾ في "آل عمران"
قوله تعالى: ﴿وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا﴾ "حنانا" عطف على "الحكم". وروي عن ابن عباس أنه قال: والله ما أدري ما "الحنان". وقال جمهور المفسرين: الحنان الشفقة والرحمة والمحبة؛ وهو فعل من أفعال النفس. النحاس: وفي معنى الحنان عن ابن عباس قولان: أحدهما: قال: تعطف الله عز وجل عليه بالرحمة والقول الآخر ما أعطيه من رحمة الناس حتى يخلصهم من الكفر والشرك. وأصله من حنين الناقة على ولدها. ويقال: حنانك وحنانيك؛ قيل: هما لغتان بمعنى واحد. وقيل: حنانيك تثنية الحنان. وقال أبو عبيدة: والعرب تقول: حنانك يا رب وحنانيك يا رب بمعنى واحد؛ تريد رحمتك. وقال امرؤ القيس:
ويمنحها بنو شمجى بن جرم
...
معيزهم حنانك ذا الحنان
وقال طرفة:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا
...
حنانيك بعض الشر أهون من بعض
وقال الزمخشري: "حنانا" رحمة لأبويه وغيرهما وتعطفا وشفقة؛ وأنشد سيبويه:
فقالت حنان ما أتى بك ههنا
...
أذو نسب أم أنت بالحي عارف