فيه خمس مسائل:-
الأولى: قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ﴾ الإنسان هنا آدم عليه الصلاة والسلام؛ قاله قتادة وغيره، لأنه استل من الطين. ويجيء الضمير في قوله: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاهُ﴾ عائدا على ابن آدم، وإن كان لم يذكر لشهرة الأمر؛ فإن المعنى لا يصلح إلا له. نظير ذلك ﴿حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ﴾ [ص: ٣٢]. وقيل: المراد بالسلالة ابن آدم؛ قاله ابن عباس وغيره. والسلالة على هذا صفوة الماء، يعني المني. والسلالة فعالة من السل وهو استخراج الشيء من الشيء؛ يقال: سللت الشعر من العجين، والسيف من الغمد فانسل؛ ومنه قوله:
فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
فالنطفة سلالة، والولد سليل وسلالة؛ عنى به الماء يسل من الظهر سلا. قال الشاعر:

فجاءت به عضب الأديم غضنفرا سلالة فرج كان غير حصين
وقال آخر:
وما هند إلا مهرة عربية سليلة أفراس تجللها بغل
وقوله: ﴿مِنْ طِينٍ﴾ أي أن الأصل آدم وهو من طين. قلت: أي من طين خالص؛ فأما ولده فهو من طين ومني، حسبما بيناه في أول سورة الأنعام. وقال الكلبي: السلالة الطين إذا عصرته انسل من بين أصابعك؛ فالذي يخرج هو السلالة.
الثانية: ﴿نُطْفَةً﴾ قد مضى القول في النطفة والعلقة والمضغة وما في ذلك من الأحكام في أول الحج، والحمد لله على ذلك.
الثالثة: ﴿ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ﴾ اختلف الناس في الخلق الآخر؛ فقال ابن عباس والشعبي وأبو العالية والضحاك وابن زيد: هو نفخ الروح فيه بعد أن كان


الصفحة التالية
Icon