فيه أربع مسائل:-
الأولى: قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ المعنى: هذا الذي تقدم ذكره هو دينكم وملتكم فالتزموه. والأمة هنا الدين؛ وقد تقدم محامله؛ ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾ [الزخرف: ٢٢] أي على دين. وقال النابغة:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبه | وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع |
الثالثة: وهذه الآية تقوي أن قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ﴾ إنما هو مخاطبة لجميعهم، وأنه بتقدير حضورهم. وإذا قدرت ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ﴾ مخاطبة لمحمد ﷺ فلق اتصال هذه الآية واتصال قوله ﴿فَتَقَطَّعُوا﴾. أما أن قوله: ﴿وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾ وإن كان قيل للأنبياء فأممهم داخلون فيه بالمعنى؛ فيحسن بعد ذلك اتصال. ﴿فَتَقَطَّعُوا﴾ أي افترقوا، يعني الأمم، أي جعلوا دينهم أديانا بعد ما أمروا بالاجتماع. ثم ذكر تعالى أن كلا منهم معجب برأيه وضلالته وهذا غاية الضلال.
الرابعة: هذه الآية تنظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "ألاَ إنّ من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة" الحديث. خرجه أبو داود، ورواه