قوله تعالى: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ﴾ ﴿مَا﴾ بمعنى الذي؛ أي أيحسبون يا محمد أن الذي نعطيهم في الدنيا من المال والأولاد هو ثواب لهم، إنما هو استدراج وإملاء، ليس إسراعا في الخيرات. وفي خبر ﴿أَنَّ﴾ ثلاثة أقوال، منها أنه محذوف. وقال الزجاج: المعنى نسارع لهم به في الخيرات، وحذفت به. وقال هشام الضرير قولا دقيقا، قال: ﴿أَنَّمَا﴾ هي الخيرات؛ فصار المعنى: نسارع لهم فيه، ثم أظهر فقال ﴿في الْخَيْرَاتِ﴾، ولا حذف فيه على هذا التقدير. ومذهب الكسائي أن ﴿أَنَّمَا﴾ حرف واحد فلا يحتاج إلى تقدير حذف، ويجوز الوقف على قول ﴿وَبَنِينَ﴾. ومن قال ﴿أَنَّمَا﴾ حرفان فلا بد من ضمير يرجع من الخبر إلى اسم ﴿أنّ﴾ ولم يتم الوقف على ﴿وبنين﴾. وقال السختياني: لا يحسن الوقف على ﴿وَبَنِينَ﴾ ؛ لأن ﴿يَحْسَبُونَ﴾ يحتاج إلى مفعولين، فتمام المفعولين ﴿فِي الْخَيْرَاتِ﴾ قال ابن الأنباري: وهذا خطأ؛ لأن ﴿أنّ﴾ كافية من اسم أن وخبرها ولا يجوز أن يؤتى بعد ﴿أنّ﴾ بمفعول ثان. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وعبدالرحمن بن أبي بكرة ﴿يُسَارِعُ﴾ بالياء، على أن يكون فاعله إمدادنا. وهذا يجوز أن يكون على غير حذف؛ أي يسارع لهم الإمداد. ويجوز أن يكون فيه حذف، ويكون المعنى يسارع الله لهم. وقرئ ﴿يُسَارَعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ﴾ وفيه ثلاثة أوجه: أحدها على حذف به. ويجوز أن يكون يسارع الأمداد. ويجوز أن يكون ﴿لَهُمْ﴾ اسم ما لم يسم فاعله؛ ذكره النحاس. قال المهدوي: وقرأ الحر النحوي ﴿نُسْرِعُ لهم في الخيرات﴾ وهو معنى قراءة الجماعة. قال الثعلبي: والصواب قراءة العامة؛ لقوله: ﴿نُمِدُّهُمْ﴾. ﴿بَلْ لا يَشْعُرُونَ﴾ أن ذلك فتنة لهم واستدراج.
الآيات: ٥٧ - ٦٠ ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ، وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾