قلت: ولهذا المعنى - والله أعلم - زيد في حد الخمر حتى انتهى إلى ثمانين. وروى الدارقطني حدثنا القاضي الحسين بن إسماعيل حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا صفوان بن عيسى حدثنا أسامة بن زيد عن الزهري قال أخبرني عبد الرحمن بن أزهر قال: رأيت رسول الله ﷺ يوم حنين وهو يتخلل الناس يسأل عن منزل خالد بن الوليد، فأتي بسكران، قال فقال رسول الله ﷺ لمن عنده فضربوه بما في أيديهم. وقال: وحثا رسول الله ﷺ عليه التراب. قال: ثم أتي أبو بكر رضي الله عنه بسكران، قال: فتوخى الذي كان من ضربهم يومئذ؛ فضرب أربعين. قال الزهري: ثم أخبرني حميد بن عبد الرحمن عن ابن وبرة الكلبي قال: أرسلني خالد بن الوليد إلى عمر، قال فأتيته ومعه عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف وعلي وطلحة والزبير وهم معه متكئون في المسجد فقلت: إن خالد بن الوليد أرسلني إليك وهو يقرأ عليك السلام ويقول: إن الناس قد انهمكوا في الخمر وتحاقروا العقوبة فيه؛ فقال عمر: هم هؤلاء عندك فسلهم. فقال علي: نراه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون؛ قال فقال عمر: أبلغ صاحبك ما قال. قال: فجلد خالد ثمانين وعمر ثمانين. قال: وكان عمر إذا أتي بالرجل الضعيف الذي كانت منه الذلة ضربه أربعين، قال: وجلد عثمان أيضا ثمانين وأربعين. ومن هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "لو تأخر الهلال لزدتكم" كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا. في رواية "لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالا يدع المتعمقون تعمقهم". وروى حامد بن يحيى عن سقيان عن مسعر عن عطاء بن أبي مروان أن عليا ضرب النجاشي في الخمر مائة جلدة؛ ذكره أبو عمرو ولم يذكر سببا.
الثامنة عشرة: قوله تعالى: ﴿وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾ أي لا تمتنعوا عن إقامة الحدود شفقة على المحدود، ولا تخففوا الضرب من غير إيجاع، وهذا قول جماعة أهل التفسير. وقال الشعبي والنخعي وسعيد بن جبير: ﴿لا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ﴾ قالوا:


الصفحة التالية
Icon