الرابعة: قوله تعالى: ﴿لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْأِثْمِ﴾ يعني ممن تكلم بالإفك. ولم يسم من أهل الإفك إلا حسان ومسطح وحمنة وعبد ؛ وجهل الغير؛ قال عروة بن الزبير، وقد سأله عن ذلك عبد الملك بن مروان، وقال: إلا أنهم كانوا عصبة؛ كما قال الله تعالى. وفي مصحف حفصة ﴿عصبة أربعة﴾.
الخامسة: قوله تعالى: ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ﴾ وقرأ حميد الأعرج ويعقوب ﴿كُبْرَه﴾ بضم الكاف. قال الفراء: وهو وجه جيد؛ لأن العرب تقول: فلان تولى عظم كذا وكذا؛ أي أكبره. روي عن عائشة أنه حسان، وأنها قالت حين عمي: لعل العذاب العظيم الذي أوعده الله به ذهاب بصره؛ رواه عنها مسروق. وروي عنها أنه عبد الله بن أبي؛ وهو الصحيح، وقال ابن عباس. وحكى أبو عمر بن عبد البر أن عائشة برأت حسان من الفرية، وقالت: إنه لم يقل شيئا. وقد أنكر حسان أن يكون قال شيئا من ذلك في قوله:

حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
حليلة خير الناس دينا ومنصب نبي الهدى والمكرمات الفواضل
عقيلة حي من لؤي بن غالب كرام المساعي مجدها غير زائل
مهذبة قد طيب الله خيمها وطهرها من كل شين وباطل
فإن كان ما بلغت أني قلته فلا رفعت سوطي إلي أناملي
فكيف وودي ما حييت ونصرتي لآل رسول الله زين المحافل
له رتب عال على الناس فضلها تقاصر عنها سورة المتطاول
وقد روي أنه لما أنشدها: حصان رزان؛ قالت له: لست كذلك؛ تريد أنك وقعت في الغوافل. وهذا تعارض، ويمكن الجمع بأن يقال: إن حسانا لم يقل ذلك نصا وتصريحا، ويكون عرض بذلك وأومأ إليه فنسب ذلك إليه؛ والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon