وهي الفناتق، أي الفنادق، والزبون يدخل الدكان للابتياع، والحاقن يدخل الخلاء للحاجة؛ وكل يؤتي على وجهه من بابه. وأما قول ابن زيد والشعبي فقول وذلك أن بيوت القيساريات محظورة بأموال الناس، غير مباحة لكل من أراد دخولها بإجماع، ولا يدخلها إلا من أذن له ربها، بل أربابها موكلون بدفع الناس.
الآية: ٣٠ ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾
فيه سبع مسائل:-
الأولى: قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ وصل تعالى بذكر الستر ما يتعلق به من أمر النظر؛ يقال: غض بصره يغضه غضا؛ قال الشاعر:
فغض الطرف إنك من نمير | فلا كعبا بلغت ولا كلابا |
وأغض طرفي ما بدت لي جارتي | حتى يواري جارتي مأواها |
الثانية: قوله تعالى: ﴿مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ ﴿مِنْ﴾ زائدة؛ كقوله: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: ٤٧]. وقيل: ﴿مِنْ﴾ للتبعيض؛ لأن من النظر ما يباح. وقيل: الغض النقصان؛ يقال: غض فلان من فلان أي وضع منه؛ فالبصر إذا لم يمكن من عمله فهو موضوع منه ومنقوص. فـ ﴿مِنْ﴾ صلة للغض، وليست للتبعيض ولا للزيادة.