في كتابته لأنهم قد استووا في الحرية كلهم حين تأدت عنهم كتابتهم. روي هذا القول عن علي وابن مسعود ومن التابعين عن عطاء والحسن وطاوس وإبراهيم، وبه قال فقهاء الكوفة سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه والحسن بن صالح بن حي، وإليه ذهب إسحاق.
والقول الثالث: أن المكاتب إذا مات قبل أن يؤدي جميع كتابته فقد مات عبد ا، وكل ما يخلفه من المال فهو لسيده، ولا يرثه أحد من أولاده، لا الأحرار ولا الذين معه في كتابته؛ لأنه لما مات قبل أن يؤدي جميع كتابته فقد مات عبد ا وماله لسيده، فلا يصح عتقه بعد موته؛ لأنه محال أن يعتق عبد بعد موته، وعلى ولده الذين كاتب عليهم أو ولدوا في كتابته أن يسعوا في باقي الكتابة، ويسقط عنهم منها قدر حصته، فإن أدوا عتقوا لأنهم كانوا فيها تبعا لأبيهم، وإن لم يؤدوا ذلك رقوا. هذا قول الشافعي، وبه قال أحمد بن حنبل، وهو قول عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت وعمر بن عبد العزيز والزهري وقتادة.
قوله تعالى: ﴿وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً﴾ روي عن جابر بن عبد الله وابن عباس رضي الله عنهم أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن أبيّ، وكانت له جاريتان إحداهما تسمى معاذة والأخرى مسيكة، وكان يكرههما على الزنى ويضربهما عليه ابتغاء الأجر وكسب الولد فشكتا ذلك إلى النبي ﷺ فنزلت الآية فيه وفيمن فعل فعله من المنافقين. ومعاذة هذه أم خولة التي جادلت النبي ﷺ في زوجها. وفي صحيح مسلم عن جابر أن جارية لعبد بن أبيّ يقال لها مسيكة وأخرى يقال لها أميمة فكان يكرههما على الزنى، فشكتا ذلك إلى النبي ﷺ فأنزل الله عز وجل ﴿وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ - إلى قوله - غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. ﴿إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً﴾ راجع إلى الفتيات، وذلك أن الفتاة إذا أرادت التحصن فحينئذ يمكن ويتصور أن يكون السيد مكرها، ويمكن أن ينهى عن الإكراه. وإذا كانت الفتاة لا تريد التحصن فلا يتصور أن يقال للسيد لا تكرهها؛ لأن الإكراه لا يتصور فيها وهي مريدة للزني. فهذا أمر في سادة وفتيات حالهم هذه. وإلى هذا المعنى أشار ابن العربي