في سورة ﴿براءة﴾. والمراد بها ها هنا الخزائن. وقيل: الدفائن. وقال الضحاك: الأنهار؛ وفيه نظر؛ لأن العيون تشملها. ﴿وَمَقَامٍ كَرِيمٍ﴾ قال ابن عمر ابن عباس ومجاهد: المقام الكريم المنابر؛ وكانت ألف منبر لألف جبار يعظمون عليها فرعون وملكه. وقيل: مجالس الرؤساء والأمراء؛ حكاه ابن عيسى وهو قريب من الأول. وقال سعيد بن جبير: المساكن الحسان. وقال ابن لهيعة: سمعت أن المقام الكريم الفيوم. وقيل: كان يوسف عليه السلام قد كتب على مجلس من مجالسه: "لا إله إلا الله إبراهيم خليل الله" فسماها الله كريمة بهذا. وقيل: مرابط الخيل لتفرد الزعماء بارتباطها عدة وزينة؛ فصار مقامها أكرم منزل بهذا؛ ذكره الماوردي. والأظهر أنها المساكن الحسان كانت تكرم عليهم. والمقام في اللغة يكون الموضع ويكون مصدرا. قال النحاس: المقام في اللغة الموضع؛ من قولك قام يقوم، وكذا المقامات واحدها مقامة؛ كما قال:

وفيهم مقامات حسان وجوههم وأندية ينتابها القول والفعل
والمقام أيضا المصدر من قام يقوم. والمقام: "بالضم" الموضع من أقام. والمصدر أيضا من أقام يقيم.
قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرائيلَ﴾ يريد أن جميع ما ذكره الله تعالى من الجنات والعيون والكنوز والمقام الكريم أورثه الله بني إسرائيل. قال الحسن وغيره: رجع بنو إسرائيل إلى مصر بعد هلاك فرعون وقومه. وقيل: أراد بالوراثة هنا ما استعاروه من حلي آل فرعون بأمر الله تعالى.
قلت: وكلا الأمرين حصل لهم. والحمد لله. قوله تعالى: ﴿فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ﴾ أي فتبع فرعون وقومه بني إسرائيل. قال السدي: حين أشرقت الشمس بالشعاع. وقال قتادة: حين أشرقت الأرض بالضياء. قال الزجاج: يقال شرقت الشمس إذا طلعت، وأشرقت إذا أضاءت. واختلف في تأخر فرعون وقومه عن موسى وبني إسرائيل على قولين: أحدهما-


الصفحة التالية
Icon