وقال بعضهم: الواحد بائر والجمع بور. كما يقال: عائذ وعوذ، وهائد وهود. وقيل: "بورا" عميا عن الحق.
قوله تعالى: ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ﴾ أي يقول الله تعالى عند تبري المعبودين: ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ﴾ أي في قولكم إنهم آلهة. ﴿فَمَا تَسْتَطِيعُونَ﴾ يعني الآلهة صرف العذاب عنكم ولأنصركم. وقيل: فما يستطيع هؤلاء الكفار لما كذبهم المعبودون ﴿صَرْفاً﴾ للعذاب ﴿وَلا نَصْراً﴾ من الله. قال ابن زيد: المعنى فقد كذبكم أيها المؤمنون هؤلاء الكفار بما جاء به محمد؛ وعلى هذا فمعنى ﴿بِمَا تَقُولُونَ﴾ بما تقولون من الحق. وقال أبو عبيد: المعنى؛ فما تقولون فيما يستطيعون لكم صرفا عن الحق الذي هداكم الله إليه، ولا نصرا لأنفسهم مما ينزل بهم من العذاب بتكذيبهم إياكم. وقراءة العامة ﴿بِمَا تَقُولُونَ﴾ بالتاء على الخطاب. وقد بينا معناه. وحكى الفراء أنه يقرأ ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ﴾ مخففا، ﴿بِمَا يَقُولُونَ﴾. وكذا قرأ مجاهد والبزي بالياء، ويكون معنى ﴿يَقُولُونَ﴾ بقولهم. وقرأ أبو حيوة: ﴿بِمَا يَقُولُونَ﴾ بياء ﴿فَمَا تَسْتَطِيعُونَ﴾ بتاء على الخطاب لمتخذي الشركاء. ومن قرأ بالياء فالمعنى: فما يستطيع الشركاء. ﴿وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ﴾ قال ابن عباس: من يشرك منكم ثم مات عليه. ﴿نُذِقْهُ﴾ أي في الآخرة. ﴿عَذَاباً كَبِيراً﴾ أي شديدا؛ كقوله تعالى: ﴿وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً﴾ [الإسراء: ٤] أي شديدا.
الآية: [٢٠] ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً﴾
فيه مسائل:
الأولى: قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ نزلت جوابا للمشركين حيث قالوا: ﴿مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾ [الفرقان: ٧]. وقال ابن عباس: لما عير المشركون رسول الله ﷺ بالفاقة وقالوا ﴿مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ﴾


الصفحة التالية
Icon