لم أعلم أن الله يهديهم ويضلكم ويرشدهم ويغويكم ويوفقهم ويخذلكم. ﴿إِنْ حِسَابُهُمْ﴾ أي في أعمالهم وإيمانهم ﴿إِلاَّ عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ﴾ وجواب ﴿لَوْ﴾ محذوف؛ أي لو شعرتم أن حسابهم على ربهم لما عبتموهم بصنائعهم. وقراءة العامة: ﴿تَشْعُرُونَ﴾ بالتاء على المخاطبة للكفار وهو الظاهر وقرأ ابن أبي عبلة ومحمد بن السميقع: ﴿لَوْ تَشْعُرُونَ﴾ بالياء كأنه خبر عن الكفار وترك الخطاب لهم؛ نحو قوله: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ﴾ [يونس: ٢٢]. وروي أن رجلا سأل سفيان عن امرأة زنت وقتلت ولدها وهي مسلمة هل يقطع لها بالنار ؟ فقال: ﴿إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ﴾. ﴿وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي لخساسة أحوالهم وأشغالهم. وكأنهم طلبوا منه طرد الضعفاء كما طلبته قريش. ﴿إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ يعني: إن الله ما أرسلني أخص ذوي الغني دون الفقراء، إنما أنا رسول أبلغكم ما أرسلت به، فمن أطاعني فذلك السعيد عند الله وإن كان فقيرا.
قوله تعالى: ﴿قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ﴾ أي عن سب آلهتنا وعيب ديننا ﴿لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ﴾ أي بالحجارة؛ قال قتادة. وقال ابن عباس ومقاتل: من المقتولين. قال الثمالي: كل مرجومين في القرآن فهو القتل إلا في مريم: ﴿لئن لم تنته لأرجمنك﴾ [مريم: ٤٦] أي لأسبنك. وقيل: ﴿من المرجومين﴾ من المشتومين؛ قاله السدي. ومنه قول أبي دؤاد. ﴿قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ، فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ قال ذلك لما يئس من إيمانهم. والفتح الحكم وقد تقدم. ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ يريد السفينة وقد مضى ذكرها. والمشحون المملوء، والشحن ملء السفينة بالناس والدواب وغيرهم. ولم يؤنث الفلك ها هنا؛ لأن الفلك ها هنا واحد لا جمع ﴿ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ﴾ أي بعد إنجائنا نوحا ومن آمن. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً. وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾