قوله تعالى: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾
إنما قال: ﴿تَنَزَّلُ﴾ لأنها أكثر ما تكون في الهواء، وأنها تمر في الريح. ﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ﴾ تقدم في ﴿الحجر﴾. فـ ﴿ـيُلْقُونَ السَّمْعَ﴾ صفة الشياطين ﴿وأكثرهم﴾ يرجع إلى الكهنة. وقيل: إلى الشياطين.
الآية: [٢٢٤] ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾
الآية: [٢٢٥] ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ﴾
الآية: [٢٢٦] ﴿وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ﴾
الآية: [٢٢٧] ﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ فيه ست مسائل:
الأولي- قوله تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ﴾ جمع شاعر مثل جاهل وجهلاء؛ قال ابن عباس: هم الكفار ﴿يَتَّبِعُهُمُ﴾ ضلال الجن والإنس. وقيل ﴿الْغَاوُونَ﴾ الزائلون عن الحق، ودل بهذا أن الشعراء أيضا غاوون؛ لأنهم لو لم يكونوا غاوين ما كان أتباعهم كذلك. وقد قدمنا في سورة ﴿النور﴾ أن من الشعر ما يجوز إنشاده، ويكره، ويحرم. روي مسلم من حديث عمرو بن الشريد عن أبيه قال: ردفت رسول الله ﷺ يوما فقال: "هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيء" قلت: نعم. قال: "هيه" فأنشدته بيتا. فقال: "هيه" ثم أنشدته بيتا. فقال: "هيه" حتى أنشدته مائة بيت. هكذا صواب هذا السند وصحيح روايته. وقد وقع لبعض رواة كتاب مسلم: عن عمرو بن الشريد عن الشريد أبيه؛ وهو وهم؛ لأن الشريد هو الذي أردفه رسول الله صلى الله عليه وسلم. واسم أبي الشريد سويد. وفي هذا دليل على حفظ الأشعار والاعتناء بها إذا تضمنت الحكم والمعاني المستحسنة شرعا وطبعا، وإنما استكثر النبي ﷺ من شعر أمية؛ لأنه