اشتقاقهما في ﴿البقرة﴾. وقال في سورة الحجر: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ﴾ [الحجر: ١] فأخرج الكتاب بلفظ المعرفة والقرآن بلفظ النكرة؛ وذلك لأن القرآن والكتاب اسمان يصلح لكل واحد منهما أن يجعل معرفة، وأن يجعل صفة. ووصفه بالمبين لأنه بين فيه أمره ونهيه وحلاله وحرامه ووعده ووعيده؛ وقد تقدم.
قوله تعالى: ﴿هُدىً وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ ﴿هُدىً﴾ في موضع نصب على الحال من الكتاب؛ أي تلك آيات الكتاب هادية ومبشرة. ويجوز فيه الرفع على الابتداء؛ أي هو هدى. وإن شئت على حذف حرف الصفة؛ أي فيه هدى. ويجوز أن يكون الخبر ﴿لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ ثم وصفهم فقال: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ وقد مضى بيانه.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾ أي لا يصدقون بالبعث. ﴿زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ﴾ قيل: أعمالهم السيئة حتى رأوها حسنة. وقيل: زينا لهم أعمالهم الحسنة فلم يعملوها. وقال الزجاج: جعلنا جزاءهم على كفرهم أن زينا لهم ما هم فيه. ﴿فَهُمْ يَعْمَهُونَ﴾ أي يترددون في أعمالهم الخبيثة، وفي ضلالتهم. عن ابن عباس. أبو العالية: يتمادون. قتادة: يلعبون. الحسن: يتحيرون؛ قال الراجز:
ومهمه أطرافه في مهمه | أعمى الهدى بالحائرين العمه |
قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ﴾ أي يلقى عليك فتلقاه وتعلمه وتأخذه. ﴿مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ﴾ ﴿لَدُنْ﴾ بمعنى عند إلا أنها مبنية غير معربة، لأنها لا تتمكن، وفيها لغات ذكرت في ﴿الكهف﴾. وهذه الآية بساط وتمهيد لما يريد أن يسوق من الأقاصيص، وما في ذلك من لطائف حكمته، ودقائق علمه.