قالوا: لا. قال: إنه يقول: لدوا للموت وابنوا للخراب. وصاحت فاختة، فقال: أتدرون ما تقول؟ قالوا: لا. قال: إنها تقول: ليت هذا الخلق لم يخلقوا وليتهم إذ خلقوا علموا لماذا خلقوا. وصاح عنده طاوس، فقال: أتدرون ما يقول؟ قالوا: لا. قال: إنه يقول: كما تدين تدان. وصاح عنده هدهد فقال: أتدرون ما يقول؟ قالوا: لا. قال: فإنه يقول: من لا يرحم لا يرحم. وصاح صرد عنده، فقال: أتدرون ما يقول؟ قالوا: لا. قال: إنه يقول: استغفروا الله يا مذنبين؛ فمن ثم نهى رسول الله ﷺ عن قتله. وقيل: إن الصرد هو الذي دل آدم على مكان البيت. وهو أول من صام؛ ولذلك يقال للصرد الصوام؛ روي عن أبي هريرة. وصاحت عنده طيطوى فقال: أتدرون ما تقول؟ قالوا: لا. قال: إنها تقول: كل حي ميت وكل جديد بال. وصاحت خطافة عنده، فقال: أتدرون ما تقول؟ قالوا: لا. قال: إنها تقول: قدموا خيرا تجدوه؛ فمن ثم نهى رسول الله ﷺ عن قتلها. وقيل: إن آدم خرج من الجنة فاشتكى إلى الله الوحشة، فآنسه الله تعالى بالخطاف وألزمها البيوت، فهي لا تفارق بني آدم أنسا لهم. قال: ومعها أربع آيات من كتاب الله عز وجل: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ﴾ [الحشر: ٢١] إلى آخرها وتمد صوتها بقوله ﴿الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [البقرة: ١٢٩]. وهدرت حمامة عند سليمان فقال: أتدرون ما تقول؟ قالوا: لا. قال: إنها تقول: سبحان ربي الأعلى عدد ما في سماواته وأرضه. وصاح قمري عند سليمان، فقال: أتدرون ما يقول؟ قالوا: لا. قال إنه يقول: سبحان ربي العظيم المهيمن. وقال كعب: وحدثهم سليمان، فقال: الغراب يقول: اللهم العن العشار؛ والحدأة تقول: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨]. والقطاة تقول: من سكت سلم. والببغاء تقول: ويل لمن الدنيا همه. والضفدع يقول: سبحان ربي القدوس. والبازي يقول: سبحان ربي وبحمده. والسرطان يقول: سبحان المذكور بكل لسان في كل مكان.
وقال مكحول: صاح دراج عند سليمان، فقال: أتدرون ما يقول؟ قالوا: لا. قال: إنه يقول: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥]. وقال الحسن قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الديك إذا صاح قال اذكروا الله يا غافلين". وقال الحسن بن علي بن أبي طالب قال النبي صلى الله عليه وسلم: "النسر إذا صاح قال يا ابن آدم عش ما شئت فآخرك الموت وإذا صاح العقاب قال في البعد من الناس الراحة وإذا صاح القنبر قال إلهي العن مبغضي آل محمد وإذا صاح الخطاف قرأ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] إلى آخرها فيقول: ﴿الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: ٧] ويمد بها صوته كما يمد القارئ. قال قتادة والشعبي: إنما هذا الأمر في الطير خاصة، لقوله: {عُلِّمْنَا


الصفحة التالية
Icon