فليس بموضع سجدة؛ لأن ذلك خبر عنهم بترك السجود، إما بالتزيين، أو بالصد، أو بمنع الاهتداء. وقرأ الزهري والكسائي وغيرهما: ﴿ألا يسجدوا لله﴾ بمعنى يا هؤلاء اسجدوا؛ لأن ﴿يا﴾ ينادي بها الأسماء دون الأفعال. وأنشد سيبويه:

يا لعنة الله والأقوام كلهم والصالحين على سمعان من جار
قال سيبويه: ﴿يا﴾ لغير اللعنة، لأنه لو كان للعنة لنصبها، لأنه كان يصير منادى مضافا، ولكن تقديره يا هؤلاء لعنة الله والأقوام على سمعان. وحكى بعضهم سماعا عن العرب: ألا يا ارحموا ألا يا اصدقوا. يريدون ألا يا قوم ارحموا اصدقوا، فعلى هذه القراءة ﴿اسْجُدُوا﴾ في موضع جزم بالأمر والوقف على ﴿ألا يا﴾ ثم تبتدئ فتقول: ﴿اسْجُدُوا﴾. قال الكسائي: ما كنت أسمع الأشياخ يقرؤونها إلا بالتخفيف على نية الأمر. وفي قراءة عبدالله: ﴿أَلا هَلْ تَسْجُدُون لِلَّهِ﴾ بالتاء والنون. وفي قراءة أبي ﴿أَلا تَسْجُدُون لِلَّهِ﴾ فهاتان القراءتان حجة لمن خفف. الزجاج: وقراءة التخفيف تقتضي وجوب السجود دون التشديد. واختار أبو حاتم وأبو عبيدة قراءة التشديد. وقال: التخفيف وجه حسن إلا أن فيه انقطاع الخبر من أمر سبأ، ثم رجع بعد إلى ذكرهم، والقراءة بالتشديد خبر يتبع بعضه بعضا لا انقطاع في وسطه. ونحوه قال النحاس. قال: قراءة التخفيف بعيدة؛ لأن الكلام يكون معترضا، وقراءة التشديد يكون الكلام بها متسقا، وأيضا فإن السواد على غير هذه القراءة، لأنه قد حذف منه ألفان، وإنما يختصر مثل هذا بحذف ألف واحدة نحو يا عيسى بن مريم. ابن الأنباري: وسقطت ألف ﴿اسْجُدُوا﴾ كما تسقط مع هؤلاء إذا ظهر، ولما سقطت ألف ﴿يا﴾ واتصلت بها ألف ﴿اسْجُدُوا﴾ سقطت، فعد سقوطها دلالة على الاختصار وإيثارا لما يخف وتقل ألفاظه. وقال الجوهري في آخر كتابه: قال بعضهم: إن ﴿يا﴾ في هذا الموضع إنما هو للتنبيه كأنه قال: ألا اسجدوا لله، فلما أدخل عليه ﴿يا﴾ للتنبيه سقطت الألف التي في ﴿اسْجُدُوا﴾ لأنها


الصفحة التالية
Icon