وثبت. فأما القول الأول فمخلط؛ لأن التقديس إنما هو من الطهارة وليس من ذا في شيء. قال الثعلبي: ويقال تبارك الله، ولا يقال متبارك ولا مبارك؛ لأنه ينتهي في أسمائه وصفاته إلى حيث ورد التوقيف. وقال الطرماح:
تباركت لا معط لشيء منعته | وليس لما أعطيت يا رب مانع |
تباركت ما تقدر يقع ولك الشكر
قلت: قد ذكر بعض العلماء في أسمائه الحسنى "المبارك" وذكرناه أيضا في كتابنا. فإن كان وقع اتفاق على أنه لا يقال فيسلم للإجماع. وإن كان وقع فيه اختلاف فكثير من الأسماء اختلف في عده؛ كالدهر وغيره. وقد نبهنا على ذلك هنالك، والحمد لله.
و ﴿الفرقان﴾ القرآن. وقيل: إنه اسم لكل منزل؛ كما قال: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ﴾ [الأنبياء: ٤٨]. وفي تسميته فرقانا وجهان: أحدهما: لأنه فرق بين الحق والباطل، والمؤمن والكافر. الثاني: لأن فيه بيان ما شرع من حلال وحرام؛ حكاه النقاش. ﴿عَلَى عَبْدِهِ﴾ يريد محمدا صلى الله عليه وسلم. ﴿لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً﴾ اسم "يكون" مضمر يعود على ﴿عبده﴾ وهو أولى لأنه أقرب إليه. ويجوز أن يكون يعود على ﴿الفرقان﴾. وقرأ عبد الله بن الزبير: ﴿عَلَى عَبَادِهِ﴾. ويقال: أنذر إذا خوف؛ وقد تقدم في أول "البقرة". والنذير: المحذر من الهلاك. الجوهري: والنذير المنذر، والنذير الإنذار. والمراد بـ ﴿الْعَالَمِينَ﴾ هنا الإنس والجن، لأن النبي ﷺ قد كان رسولا إليهما، ونذيرا لهما، وأنه خاتم الأنبياء، ولم يكن غيره عام الرسالة إلا نوح فإنه عم برسالته جميع الإنس بعد الطوفان، لأنه بدأ به الخلق.
قوله تعالى: ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ عظم تعالى نفسه. ﴿وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً﴾ نزه سبحانه وتعالى نفسه عما قاله المشركون من أن الملائكة أولاد الله؛ يعني بنات الله سبحانه وتعالى. وعما قالت اليهود: عزير ابن الله؛ جل الله تعالى. وعما قالت النصارى: المسيح ابن الله؛ تعالى الله عن ذلك. ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ﴾ كما قال عبدة الأوثان.