فقالت: ها هنا في رهبي تريد في كمي وقال الأصمعي: سمعت أعرابيا يقول لأخر أعطني رهبك فسألته عن الرهب فقال: الكم؛ فعلى هذا يكون معناه اضمم إليك يدك وأخرجها من الكم؛ لأنه تناول العصا ويده في كمه وقوله: ﴿اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ﴾ يدل على أنها اليد اليمني، لأن الجيب على اليسار. ذكره القشيري.
قلت: وما فسروه من ضم اليد إلى الصدر يدل على أن الجيب موضعه الصدر وقد مضى في سورة ﴿النور﴾ بيانه الزمخشري: ومن بدع التفاسير أن الرهب الكم بلغة حمير وأنهم يقولون أعطني مما في رهبك، وليت شعري كيف صحته في اللغة ! وهل سمع من الأثبات الثقات الذين ترتضي عربيتهم، ثم ليت شعري كيف موقعه في الآية، وكيف تطبيقه المفصل كسائر كلمات التنزيل، على أن موسى صلوات عليه ما كان عليه ليلة المناجاة إلا زرمانقة من صوف لا كمين لها قال القشيري: وقوله: ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ﴾ يريد اليدين إن قلنا أراد الأمن من فزع الثعبان وقيل: ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ﴾ أي شمر واستعد لتحمل أعباء الرسالة.
قلت: فعلى هذا قيل: ﴿إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ﴾ أي من المرسلين؛ لقوله تعالى ﴿إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾ قال ابن بحر: فصار على هذا التأويل رسولا بهذا القول وقيل: إنما صار رسولا بقوله: ﴿فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ﴾ والبرهانان اليد والعصا وقرأ ابن كثير: بتشديد النون وخففها الباقون وروى أبو عمارة عن أبي الفضل عن أبي بكر عن ابن كثير، ﴿فَذَانِيكَ﴾ بالتشديد والياء وعن أبي عمرو أيضا قال لغة هذيل: ﴿فَذَانِيكَ﴾ بالتخفيف والياء ولغة قريش ﴿فذانك﴾ كما قرأ أبو عمرو وابن كثير وفي تعليله خمسة أقوال: قيل شدد النون عوضا من الألف الساقطة في ذانك الذي هو تثنية ذا المرفوع، وهو رفع بالابتداء، وألف ذا محذوفة لدخول ألف التثنية عليها، ولم يلتفت إلى التقاء الساكنين؛ لأن أصله فذانك فحذف الألف الأولى عوضا من النون الشديدة وقيل:


الصفحة التالية
Icon