أي من بعد قوم نوح وعاد وثمود وقيل: أي من بعد ما أغرقنا فرعون وقومه وخسفنا بقارون. ﴿بَصَائِرَ لِلنَّاسِ﴾ أي آتيناه الكتاب بصائر أي ليتبصروا ﴿وَهُدىً﴾ أي من الضلالة لمن عمل بها ﴿وَرَحْمَةً﴾ لمن آمن بها. ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ أي ليذكروا هذه النعمة فيقموا على إيمانهم في الدنيا، ويثقوا بثوابهم في الآخرة.
الآية: [٤٤] ﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾
الآية: [٤٥] ﴿وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾
قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ﴾ أي ما كنت يا محمد ﴿بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ﴾ أي بجانب الجبل الغربي قال الشاعر:

أعطاك من أعطى الهدى النبيا نورا يزين المنبر الغربيا
﴿إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ﴾ إذ كلفناه أمرنا ونهينا، وألزمناه عهدنا وقيل: أي إذ قضينا إلى موسى أمرك وذكرناك بخير ذكر وقال ابن عباس: ﴿إِذْ قَضَيْنَا﴾ أي أخبرنا أن أمة محمد خير الأمم ﴿وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ أي من الحاضرين.
قوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُوناً﴾ أي من بعد موسى ﴿فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ حتى نسوا ذكر الله أي عهده وأمره نظيره: ﴿فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ وظاهر هذا يوجب أن يكون جرى لنبينا عليه السلام ذكر في ذلك الوقت، وأن الله سيبعثه، ولكن طالت المدة، وغلبت القسوة، فنسي القوم ذلك وقيل: آتينا موسى الكتاب وأخذنا على قومه العهود، ثم تطاول العهد فكفروا، فأرسلنا محمدا مجددا للدين وداعيا الخلق إليه. وقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ ثَاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ﴾ أي مقيما كمقام موسى وشعيب بينهم قال العجاج:
فبات حيث يدخل الثوي
أي الضيف المقيم. وقوله: ﴿تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا﴾ أي تذكرهم بالوعد والوعيد. ﴿وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾ أي أرسلناك في أهل مكة، وأتيناك كتابا فيه هذه الأخبار: ولولا ذلك لما علمتها.


الصفحة التالية
Icon