عند قوله ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ﴾ مستوفى وقال أبو العالية: هؤلاء قوم آمنوا بمحمد ﷺ قبل أن يبعث وقد أدركه بعضهم. ﴿مِنْ قَبْلِهِ﴾ أي من قبل القرآن وقيل: من قبل محمد عليه السلام ﴿هُمْ بِهِ﴾ أي بالقرآن أو بمحمد عليه السلام ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ ﴿وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا﴾ أي إذا قرئ عليهم القرآن قالوا بما فيه ﴿إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ﴾ أي من قبل نزوله، أو من قبل بعثه محمد عليه السلام ﴿مُسْلِمِينَ﴾ أي موحدين، أو مؤمنين بأنه سيبعث محمد وينزل عليه القرآن.
الآية: [٥٤] ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَأُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾
الآية:[٥٥] ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾
فيه أربع مسائل:
الأولي- قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا﴾ ثبت في صحيح مسلم عن أبي موسى أن رسول الله ﷺ قال: "ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وأدرك النبي ﷺ ـ فآمن به واتبعه وصدقه فله أجران وعبد مملوك أدي حق الله عز وجل وحق سيده فله أجران ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها ثم أدبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران" قال الشعبي للخراساني: خذا هذا الحديث بغير شيء فقد كان الرجل يرحل فيما دون هذا إلى المدينة وخرجه البخاري أيضا قال علماؤنا: لما كان كل واحد من هؤلاء مخاطبا بأمرين من جهتين استحق كل واحد منهم أجرين؛ فالكتابي كان مخاطبا من جهة نبيه، ثم إنه خوطب من جهة نبينا فأجابه واتبعه فله أجر الملتين، وكذلك العبد هو مأمور من جهة الله تعالى ومن جهة سيده، ورب الأمة لما قام بما خوطب به من تربيته أمته وأدبها فقد أحياها إحياء التربية، ثم إنه لما أعتقها وتزوجها أحياها إحياء الحرية التي ألحقها فيه بمنصبه، فقد قام