لجاز. ومثله ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ﴾ [آل عمران: ١٢] بالتاء والياء. وقد قرأ عبيد بن عمير وأبو حازم ﴿أَلا يَتَّقُونَ﴾ بتاءين أي قل لهم ﴿أَلا يَتَّقُونَ﴾. ﴿قَالَ رَبِّ﴾ أي قال موسى: ﴿نِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾ أي في الرسالة والنبوة. ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي﴾ لتكذيبهم إياي. وقراءة العامة ﴿وَيَضِيقُ﴾ ﴿وَلا يَنْطَلِقُ﴾ بالرفع على الاستئناف. وقرأ يعقوب وعيسى بن عمرو أبو حيوة: ﴿وَيَضِيقُ - وَلا يَنْطَلِقُ﴾ بالنصب فيهما ردا على قوله: ﴿أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾ قال الكسائي: القراءة بالرفع؛ يعني في ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي﴾ من وجهين: أحدهما الابتداء والآخر بمعنى وإني يضيق صدري ولا ينطلق لساني يعني نسقا على ﴿إِنِّي أَخَافُ﴾ قال الفراء: ويقرأ بالنصب. حكي ذلك عن الأعرج وطلحة وعيسى بن عمر وكلاهما له وجه. قال النحاس: الوجه لرفع؛ لأن النصب عطف على "يكذبون" وهذا بعيد يدل على ذلك قوله عز وجل: ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ [طه: ٢٧ - ٢٨] فهذا يدل على أن هذه كذا. ﴿وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي﴾ في المحاجة على ما أحب؛ وكان في لسانه عقدة على ما تقدم في ﴿طه﴾. ﴿فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ﴾ أرسل إليه جبريل بالوحي، واجعله رسولا معي ليؤازرني ويظاهرني ويعاونني. ولم يذكر هنا ليعينني؛ لأن المعنى كان معلوما، وقد صرح به في سورة ﴿طه﴾: ﴿وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً﴾ [طه: ٢٩] وفي القصص: ﴿أَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي﴾ [القصص: ٣٤] وكأن موسى أذن له في هذا السؤال، ولم يكن ذلك استعفاء من الرسالة بل طلب من يعينه. ففي هذا دليل على أن من لا يستقل بأمر، ويخاف من نفسه تقصيرا، أن يأخذ من يستعين به عليه، ولا يلحقه في ذلك لوم.
قوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ﴾ الذنب هنا قتل القبطي واسمه فاثور على ما يأتي في ﴿القصص﴾ بيانه، وقد مضى في ﴿طه﴾ ذكره. وخاف موسى أن يقتلوه به، ودل على أن الخوف قد يصحب الأنبياء والفضلاء والأولياء مع معرفتهم بالله وأن لا فاعل إلا هو؛ إذ قد يسلط من شاء على من شاء ﴿قَالَ كَلاَّ﴾ أي كلا لن يقتلوك. فهو ردع وزجر عن هذا الظن، وأمر بالثقة بالله تعالى؛ أي ثق بالله وانزجر عن خوفك منهم؛ فإنهم لا يقدرون على قتلك،


الصفحة التالية
Icon