ويقال: كان ذلك أيام الردة والردة. ﴿وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ قال الضحاك: أي في قتلك القبطي إذ هو نفس لا يحل قتله. وقيل: أي بنعمتي التي كانت لنا عليك من التربية والإحسان إليك؛ قاله ابن زيد. الحسن: ﴿مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ في أني إلهك. السدي: ﴿مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ بالله لأنك كنت معنا على ديننا هذا الذي تعيبه. وكان بين خروج موسى عليه السلام حين قتل القبطي وبين رجوعه نبيا أحد عشر عاما غير أشهر. فـ ﴿قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً﴾ أي فعلت تلك الفعلة يريد قتل القبطي ﴿وَأَنَا﴾ إذ ذاك ﴿مِنَ الضَّالِّينَ﴾ أي من الجاهلين؛ فنفى عن نفسه الكفر، وأخبر أنه فعل ذلك على الجهل. وكذا قال مجاهد؛ ﴿مِنَ الضَّالِّينَ﴾ من الجاهلين. ابن زيد: من الجاهلين بأن الوكزة تبلغ القتل. وفي مصحف عبدالله "من الجاهلين" ويقال لمن جهل شيئا ضل عنه. وقيل: ﴿وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ﴾ من الناسين؛ قاله أبو عبيدة. وقيل: ﴿وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ﴾ عن النبوة ولم يأتني عن الله فيه شيء، فليس علي فيما فعلته في تلك الحالة توبيخ. وبين بهذا أن التربية فيهم لا تنافي النبوة والحلم على الناس، وأن القتل خطأ أو في وقت لم يكن فيه شرع لا ينافي النبوة.
قوله تعالى: ﴿فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ﴾ أي خرجت من بينكم إلى مدين كما في سورة "القصص": ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ﴾ [القصص: ٢١] وذلك حين القتل. ﴿فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ يعني النبوة؛ عن السدي وغيره. الزجاج: تعليم التوراة التي فيها حكم الله. وقيل: علما وفهما. ﴿وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾.
قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائيلَ﴾ اختلف الناس في معنى هذا الكلام؛ فقال السدي والطبري والفراء: هذا الكلام من موسى عليه السلام على جهة الإقرار بالنعمة؛ كأنه يقول: نعم؟ وتربيتك نعمة علي من حيث عبدت غيري وتركتني، ولكن لا يدفع ذلك رسالتي. وقيل: هو من موسى عليه السلام على جهة الإنكار؛ أي أتمن علي بأن ربيتني وليدا وأنت قد استعبدت بني إسرائيل وقتلتهم؟! أي ليست بنعمة؟ لأن الواجب كان ألا تقتلهم ولا تستعبدهم فإنهم قومي؛ فكيف تذكر إحسانك إلي على