الجبال والناس، قال الله تعالى: ﴿ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ ﴾. السادس: التوبة، قال الله تعالى: ﴿ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ ﴾ السابع: الحكم بالعدل، قال الله تعالى: ﴿ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ ﴾ الآية. الثامن: إلانة الحديد، قال تعالى: ﴿ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ﴾. التاسع: حسن الصوت، وكان، داود عليه السلام ذا صوت حسن ووجه حسن. وحسن الصوت هبة من الله تعالى وتفضل منه، وهو المراد بقوله تبارك وتعالى: ﴿ َزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ﴾ على ما يأتي إن شاء الله تعالى. وقال ﷺ لأبي موسى: "لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود". قال العلماء: المزمار والمزمور الصوت الحسن، وبه سميت آلة الزمر مزمارا. وقد استحسن كثير من فقهاء الأمصار القراءة بالتزيين والترجيع. وقد مضى هذا في مقدمة الكتاب والحمد لله.
قوله تعالى: ﴿ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ ﴾ أي وقلنا يا جبال أوبي معه، أي سبحي معه، لأنه قال تبارك وتعالى: ﴿ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالأِشْرَاقِ ﴾ قال أبو ميسرة: هو التسبيح بلسان الحبشة، ومعنى تسبيح الجبال: هو أن الله تعالى خلق، فيها تسبيحا كما خلق الكلام في الشجرة، فيسمع منها ما يسمع من المسبح معجزة لداود عليه الصلاة والسلام. وقيل: المعنى سيري معه حيث شاء؛ من التأويب الذي هو سير النهار أجمع وينزل الليل. قال ابن مقبل:

لحقنا بحي أوبوا السير بعدما دفعنا شعاع الشمس والطرف يجنح
وقرأ الحسن وقتادة وغيرهما: ﴿ أَوِّبِي مَعَهُ ﴾ أي رجعي معه؛ من آب يؤوب إذا رجع، أوبا وأوبة وإيابا. وقيل: المعنى تصرفي معه على ما يتصرف عليه داود بالنهار، فكان إذا قرأ الزبور صوتت الجبال معه، وأصغت إليه الطير، فكأنها فعلت ما فعل. وقال وهب بن منبه: المعنى نوحي معه والطير تساعده على ذلك، فكان إذا نادى بالنياحة أجابته الجبال بصداها،


الصفحة التالية
Icon