عَذَابِ السَّعِيرِ } أي في الآخرة، قال أكثر المفسرين. وقيل ذلك في الدنيا، وذلك أن الله تعالى وكل بهم فيما روى السدي - ملكا بيده سوط من نار، فمن زاغ عن أم سليمان ضربه بذلك السوط ضربة من حيث لا يراه فأحرقته. و ﴿مَن﴾ في موضع نصب بمعنى وسخرنا له من الجن من يعمل. ويجوز أن يكون في موضع رفع، كما تقدم في الريح.
الآية: [١٣] ﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾
فيه ثماني مسائل:
الأولى- قوله تعالى: ﴿ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ ﴾ المحراب في اللغة: كل موضع مرتفع. وقيل للذي يصلي فيه: محراب؛ لأنه يجب أن يرفع ومعظم. وقال الضحاك: ﴿ مِنْ مَحَارِيبَ ﴾ أي من مساجد. وكذا قال قتادة. وقال مجاهد: المحاريب دون القصور. وقال أبو عبيدة: المحراب أشرف بيوت الدار. قال:

وماذا عليه أن ذكرت أوانسا كغزلان رمل في محاريب أقيال
وقال عدي بن زيد:
كدمى العاج في المحاريب أوكالـ ـبيض في الروض زهره مستنير
وقيل: هو ما يرقى إليه بالدرج كالغرفة الحسنة؛ كما قال: ﴿ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ ﴾ وقوله: ﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ ﴾ أي أشرف عليهم. وفي الخبر "أنه أمر أن يعمل حول كرسيه ألف محراب فيها ألف رجل عليهم المسوح يخرجون إلى الله دائبا، وهو على الكرسي في موكبه والمحاريب حوله، ويقول لجنوده إذا ركب: سبحوا الله إلى ذلك العلم، فإذا بلغوه قال: هللوه إلى ذلك العلم فإذا بلغوه قال: كبروه إلى ذلك العلم الآخر، فتلج الجنود بالتسبيح "والتهليل لجة واحدة.


الصفحة التالية
Icon