وهو كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ ﴾ فأضاف الأجل إلى نفسه، ثم قال: ﴿ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ﴾ إذ كان الأجل لهم. وهذا من قبيل قولك: ليله قائم ونهاره صائم. قال المبرد: أي بل مكركم الليل والنهار، كما تقول العرب: نهاره صائم وليله قائم. وأنشد لجرير:
لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى | ونمت وما ليل المطي بنائم |
فنام ليلي وتجلى همي
أي نمت فيه. ونظيره: ﴿ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً ﴾ وقرأ قتادة: ﴿بل مكرُ الليلَ والنهارَ﴾ بتنوين ﴿مكر﴾ ونصب ﴿ الليلَ والنهارَ ﴾، والتقدير: بل مكر كائن في الليل والنهار، فحذف. وقرأ سعيد بن جبير ﴿بل مكَرُّ﴾ بفتح الكاف وشد الراء بمعنى الكرور، وارتفاعه بالابتداء والخبر محذوف. ويجوز أن يرتفع بفعل مضمر دل عليه ﴿ أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ ﴾ كأنهم لما قالوا لهم أنحن صددناكم عن الهدى قالوا بل صدنا مكر الليل والنهار. وروي عن سعيد بن جبير ﴿ بل مكرُ الليلَ والنهارَ ﴾ قال: مر الليل والنهار عليهم فغفلوا. وقيل: طول السلامة فيهما كقوله ﴿ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ ﴾ وقرأ راشد ﴿بل مكَرَّ الليل والنهار﴾ بالنصب، كما تقول: رأيته مقدم الحاج، وإنما يجوز هذا فيما يعرف، لو قلت: رأيته مقدم زيد، لم يجز؛ ذكره النحاس: ﴿ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَاداً ﴾ أي أشباها وأمثالا ونظراء. قال محمد بن يزيد: فلان ند فلان، أي مثله. ويقال نديد؛ وأنشد:
أينما تجعلون إلي ندا | وما أنتم لذي حسب نديد |
تجاوزت أحراسا وأهوال معشر | علي حراصا لو يسرون مقتلي |