من بعد والنئيش: الشيء البطيء. قال الجوهري: التناؤش "بالهم" التأخر والتباعد. وقد نأشت الأمر أنأشه نأشا أخرته؛ فانتأش. ويقال: فعله نئيشا أي أخيرا. قال الشاعر:

تمنى نئيشا أن يكون أطاعني وقد حدثت بعد الأمور أمور
وقال آخر:
قعدت زمانا عن طلابك للعلا وجئت نئيشا بعدما فاتك الخُبر
وقال الفراء: الهمز وترك الهمز في التناؤش متقارب؛ مثل: ذمت الرجل وذأمته أي عبته. ﴿ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ أي من الآخرة. وروى أبو إسحاق عن التميمي عن ابن عباس قال: ﴿ وَأَنَّى لَهُمُ ﴾ قال: الرد، سألوه وليس بحين رد.
الآية: [٥٣] ﴿ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴾
قوله تعالى: ﴿ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ ﴾ أي بالله عز وجل وقيل: بمحمد ﴿ مِنْ قَبْلُ ﴾ يعني في الدنيا. ﴿ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ العرب تقول لكل من تكلم بما لا يحقه: هو يقذف ويرجم بالغيب. ﴿ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ على جهة التمثيل لمن يرجم ولا يصيب، أي يرمون بالظن فيقولون: لا بعث ولا نشور ولا جنة ولا نار، رجما منهم بالظن؛ قال قتادة. وقيل: ﴿ وَيَقْذِفُونَ ﴾ أي يرمون في القرآن فيقولون: سحر وشعر وأساطير الأولين. وقيل: في محمد؛ فيقولون ساحر شاعر كاهن مجنون. ﴿ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ أي إن الله بعد لهم أن يعلموا صدق محمد. وقيل: أراد البعد عن القلب، أي من مكان بعيد عن قلوبهم. وقرأ مجاهد ﴿ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ غير مسمى الفاعل، أي يرمون به. وقيل: يقذف به إليهم من يغويهم ويضلهم.


الصفحة التالية
Icon