عربي طريف لا يعرفه إلا قليل. وذكره الزمخشري عن الزجاج. قال النحاس: والذي قال الكسائي أحسن ما قيل في الآية، لما ذكره من الدلالة على المحذوف، والمعنى أن الله جل وعز نهى نبيه عن شدة الاغتمام بهم والحزن عليهم، كما قال جل وعز: ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ ﴾ قال أهل التفسير: قاتل. قال نصر ابن علي: سألت الأصمعي عن قول النبي ﷺ في أهل اليمن: "هم أرق قلوبا وأبخع طاعة" ما معنى أبخع؟ فقال: أنصح. فقلت له: إن أهل التفسير مجاهدا وغيره يقولون في قول الله عز وجل: ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ ﴾ : معناه قاتل نفسك. فقال: هو من ذاك بعينه، كأنه من شدة النصح لهم قاتل نفسه. وقال الحسين بن الفضل: فيه تقديم وتأخير، مجازه: أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء. وقيل: الجواب محذوف؛ المعنى أفمن زين له سوء عمله كمن هدي، ويكون يدل على هذا المحذوف ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾. وقرأ يزيد بن القعقاع: ﴿ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ ﴾ وفي ﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ ﴾ أربعة أقوال، أحدها: أنهم اليهود والنصارى والمجوس؛ قال أبو قلابة. ويكون، ﴿ سُوءُ عَمَلِهِ ﴾ معاندة الرسول عليه الصلاة والسلام. الثاني: أنهم الخوارج؛ رواه عمر بن القاسم. يكون "سوء عمله" تحريف التأويل. الثالث: الشيطان؛ قال الحسن. ويكون ﴿ سُوءُ عَمَلِهِ ﴾ الإغواء. الرابع: كفار قريش؛ قاله الكلبي. ويكون ﴿ سُوءُ عَمَلِهِ ﴾ الشرك. وقال: إنها نزلت في العاص بن وائل السهمي والأسود بن المطلب. وقال غيره: نزلت في أبي جهل بن هشام. ﴿ فَرَآهُ حَسَناً ﴾ أي صوابا؛ قال الكلبي. وقال: جميلا.
قلت: والقول بأن المراد كفار قريش أظهر الأقوال؛ لقوله تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ﴾ وقوله: ﴿ وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ﴾ وقال: ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً ﴾ وقوله: ﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾،


الصفحة التالية
Icon