المعمر ﴿ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ أي كتابة الأعمال والآجال غير متعذر عليه. وقراءة العامة ﴿ يُنْقَصُ ﴾ بضم الياء وفتح القاف وقرأت فرقة منهم يعقوب ﴿ يَنْقَصُ ﴾ بفتح الياء وضم القاف، أي لا ينقص من عمره شيء. يقال، نقص الشيء بنفسه ونقصه غيره، وزاد بنفسه وزاده غيره، متعد ولازم. وقرأ الأعرج والزهري ﴿مِن عُمْره﴾ بتخفيف الميم وضمها الباقون. وهما لغتان مثل السحْق والسحُق. و ﴿ يَسِيرٌ ﴾ أي إحصاء طويل الأعمار وقصيرها لا يتعذر عليه شيء منها ولا يعزب. والفضل منه: يسر ولو سميت به إنسانا انصرف؛ لأنه فعيل.
الآية: [١٢] ﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ ﴾ فيه أربع مسائل:
الأولى- قال ابن عباس: ﴿ فُرَاتٌ ﴾ حلو، و ﴿ أُجَاجٌ ﴾ مر. وقرأ طلحة: ﴿ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ﴾ بفتح الميم وكسر اللام بغير ألف. وأما المالح فهو الذي يجعل فيه الملح. وقرأ عيسى وابن أبي إسحاق ﴿ سَيغ شَرَابُهُ ﴾ مثل سيد وميت. ﴿ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً ﴾ لا اختلاف في أنه منهما جميعا. وقد مضى في ﴿النحل﴾ الكلام فيه.
الثانية- قوله تعالى: ﴿ وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ﴾ مذهب أبي إسحاق أن الحلية إنما تستخرج من الملح، فقيل منهما لأنهما مختلطان. وقال غيره: إنما تستخرج الأصداف التي فيها الحلية من الدر وغيره من المواضع التي فيها العذب والملح نحو العيون، فهو مأخوذ منهما؛ لأن في البحر عيونا عذبة، وبينهما يخرج اللؤلؤ عند التمازج. وقيل:


الصفحة التالية
Icon