بحرمة كلمة الإخلاص: "لا إله إلا الله محمد رسول الله". وقال محمد بن علي الترمذي: جمعهم في الاصطفاء إزالة للعلل عن العطاء؛ لأن الاصطفاء يوجب الإرث، لا الإرث يوجب الاصطفاء، ولذلك قيل في الحكمة: صحح النسبة ثم النسبة ادع في الميراث. وقيل: أخر السابق ليكون أقرب إلى الجنات والثواب، كما قدم الصوامع والبيع في ﴿سورة الحج﴾ على المساجد، لتكون الصوامع أقرب إلى الهدم والخراب، وتكون المساجد أقرب إلى ذكر الله. وقيل: إن الملوك إذا أرادوا الجمع بين الأشياء بالذكر قدموا الأدنى؛ كقوله تعالى: ﴿ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ وقوله: ﴿ َيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ﴾ وقوله: ﴿ لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ﴾
قلت: ولقد أحسن من قال:

وغاية هذا الجود أنت وإنما يوافي إلى الغايات في آخر الأمر
قوله تعالى: ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا ﴾ جمعهم في الدخول لأنه ميراث، والعاق والبار في الميراث سواء إذا كانوا معترفين بالنسب؛ فالعاصي والمطيع مقرّون بالرب. وقرئ: ﴿ جَنَّةُ عَدْنٍ ﴾ على الأفراد، كأنها جنة مختصة بالسابقين لقلتهم؛ على ما تقدم. و ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ ﴾ بالنصب على، إضمار فعل يفسره الظاهر؛ أي يدخلون جنات عدن يدخلونها. وهذا للجميع، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى. وقرأ أبو عمرو ﴿يُدخَلونها﴾ بضم الياء وفتح الخاء. قال: لقوله ﴿ يُحَلَّوْنَ ﴾. وقد مضى في ﴿الحج ﴾ الكلام في قوله تعالى: ﴿ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ﴾
﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ﴾ قال أبو ثابت: دخل رجل المسجد. فقال اللهم ارحم غربتي وأنس وحدتي يسر لي جليسا صالحا. فقال أبو الدرداء: لئن كنت صادقا فلأنا أسعد بذلك منك، سمعت النبي ﷺ يقول: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ


الصفحة التالية
Icon