الآية: [٢٠] ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ﴾
الآية: [٢١] ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ﴾
قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ ذكر نعمه على بني آدم، وأنه سخر لهم ﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾ من شمس وقمر ونجوم وملائكة تحوطهم وتجر إليهم منافعهم. ﴿وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ عام في الجبال والأشجار والثمار وما لا يحصى. ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ﴾ أي أكملها وأتمها. وقرأ ابن عباس ويحيى بن عمارة: ﴿وَأَصْبَغَ﴾ بالصاد على بدلها من السين؛ لأن حروف الاستعلاء تجتذب السين من سفلها إلى علوها فتردها صادا. والنعم: جمع نعمة كسدرة وسدر "بفتح الدال" وهي قراءة نافع وأبي عمرو وحفص. الباقون: ﴿نِعَمَهُ﴾ على الإفراد؛ والإفراد يدل على الكثرة؛ كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾ وهي قراءة ابن عباس من وجوه صحاح. وقيل: إن معناها الإسلام؛ قال النبي ﷺ لابن عباس وقد سأله عن هذه الآية: "الظاهرة الإسلام وما حسن من خلقك، والباطنة ما ستر عليك من سيئ عملك". قال النحاس: وشرح هذا أن سعيد بن جبير قال في قول الله عز وجل: ﴿وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ﴾ قال: يدخلكم الجنة. وتمام نعمة الله عز وجل على العبد أن يدخله الجنة، فكذا لما كان الإسلام يؤول أمره إلى الجنة سمي نعمة. وقيل: الظاهرة الصحة وكمال الخلق، والباطنة المعرفة والعقل. وقال المحاسبي: الظاهرة نعم الدنيا، والباطنة نعم العقبى. وقيل: الظاهرة ما يرى بالأبصار من المال والجاه والجمال في الناس وتوفيق الطاعات، والباطنة ما يجده المرء في نفسه من العلم بالله


الصفحة التالية
Icon