وقال غيره: ﴿مَهِينٍ﴾ لا خطر له عند الناس. ﴿ثُمَّ سَوَّاهُ﴾ رجع إلى آدم، أي سوى خلقه. ﴿وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ﴾ ثم رجع إلى ذريته فقال: ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ﴾ وقيل: ثم جعل ذلك الماء المهين خلقا معتدلا، وركب فيه الروح وأضافه إلى نفسه تشريفا. وأيضا فإنه من فعله وخلقه كما أضاف العبد إليه بقوله: ﴿عَبْدي﴾. وعبر عنه بالنفخ لأن الروح في جنس الريح. وقد مضى هذا مبينا في ﴿النساء﴾ وغيرها. ﴿قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ﴾ أي ثم أنتم لا تشكرون بل تكفرون.
الآية: [١٠] ﴿وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ﴾ هذا قول منكري البعث؛ أي هلكنا وبطلنا وصرنا ترابا. وأصله من قول العرب: ضل الماء في اللبن إذا ذهب. والعرب تقول للشيء غلب عليه حتى فيه أثره: قد ضّل. قال الأخطل:

كنت القذى في موج أكدر مزبد قذف الأتيّ به فضلَّ ضلالا
وقال قطرب:
معنى ضللنا غبنا في الأرض.
وأنشد قول النابغة الذبياني:
فآب مضلوه بعين جلية وغودر بالجولان حزم ونائل
وقرأ ابن محيصن ويحيى بن يعمر: ﴿ضَلَلْنَا﴾ بكسر اللام، وهي لغة. قال الجوهري: وقد ضللت أضل قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي﴾ فهذه لغة نجد وهي الفصيحة. وأهل العالية يقولون: ﴿ضَلَلْتُ﴾ - بكسر اللام - أضل. وهو ضال تال، وهي الضلالة والتلالة. وأضّله أي أضاعه وأهلكه. يقال: أضل الميّت إذا دفن. قال:
فآب مضلوه...... البيت


الصفحة التالية
Icon