فال أبو عبيد: ثم مع هذا كله إني تعمدت النظر في الذي يقال له الإمام - مصحف عثمان - فوجدت التاء متصلة مع حين قد كتبت تحين. قال أبو جعفر النحاس: أما البيت الأول الذي أنشده لأبي وجزة فرواه العلماء باللغة على أربعة أوجه، كلها على خلاف ما أنشده؛ وفي أحدها تقديران؛ رواه أبو العباس محمد بن يزيد:
العاطفون ولات ما من عاطف
والرواية الثانية:
العاطفون ولات حين تعاطف
والرواية الثالثة رواها ابن كيسان:
العاطفونةَ حين ما من عاطف
جعلها هاء في الوقف وتاء في الإدراج، وزعم أنها لبيان الحركة شبهت بهاء التأنيث. الرواية الرابعة:
العاطفونهُ حين ما من عاطف
وفي هذه الرواية تقديران؛ أحدهما وهو مذهب إسماعيل بن إسحاق أن الهاء في موضع نصب؛ كما تقول: الضاربون زيدا فإذا كنيت قلت الضاربوه. وأجاز سيبويه في الشعر الضاربونه، فجاء إسماعيل بالتأنيث على مذهب سيبويه في إجازته مثله. والتقدير الآخر العاطفون على أن الهاء لبيان الحركة، كما تقول: مر بنا المسلمونه في الوقف، ثم أجريت في الوصل مجراها في الوقف؛ كما قرأ أهل المدينة: ﴿ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ﴾ وأما البيت الثاني فلا حجة له فيه؛ لأنه يوقف عليه: ولات أوان، غير أن فيه شيئا مشكلا؛ لأنه يروى: ولات أوان بالخفض، وإنما يقع ما بعد لات مرفوعا أو منصوبا. وإن كان قد روي عن عيسى بن عمر أنه قرأ ﴿ وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ ﴾ بكسر التاء من لات والنون من حين فإن الثبت عنه أنه قرأ ﴿ وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ ﴾ فبنى ﴿ وَلاتَ ﴾ على الكسر ونصب ﴿ حِينَ ﴾. فأما: ولات أوان ففيه تقديران؛ قال الأخفش: فيه مضمر أي ولات حين أوان.