الفراء: أن إحداهما بمعنى لما. وقول آخر أن تكون الثانية مع ما بعدها تبيينا لما قبلها. قيل: إنهما كانا إنسيين؛ قاله النقاش. وقيل: ملكين؛ قاله جماعة. وعينهما جماعة فقالوا: إنهما جبريل وميكائيل. وقيل: ملكين في صورة إنسيين بعثهما الله إليه في يوم عبادته. فمنعهما الحرس الدخول، فتسوروا المحراب عليه، فما شعر وهو في الصلاة إلا وهما بين يديه جالسين؛ وهو قوله تعالى: ﴿ وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ ﴾ أي علوا ونزلوا عليه من فوق المحراب؛ قال سفيان الثوري وغيره. وسبب ذلك ما حكاه ابن عباس أن داود عليه السلام حدث نفسه إن ابتلي أن يعتصم. فقيل له: انك ستبتلى وتعلم اليوم الذي تبتلى فيه فخذ حذرك. فأخذ الزبور ودخل المحراب ومنع من الدخول عليه، فبينا هو يقرأ الزبور إذ جاء طائر كأحسن ما يكون من الطير، فجعل يدرج بين يديه. فهم أن يتناوله بيده، فاستدرج حتى وقع في كوة المحراب، فدنا منه ليأخذه فطار، فاطلع ليبصره فأشرف على امرأة تغتسل، فلما رأته غطت جسدها بشعرها. قال السدي: فوقعت في قلبه. قال ابن عباس: وكان زوجها غازيا في سبيل الله وهو أوريا بن حنان، فكتب داود إلى أمير الغزاة أن يجعل زوجها في حملة التابوت، وكان حملة التابوت إما أن يفتح الله عليهم أو يقتلوا، فقدمه فيهم فقتل، فلما انقضت عدتها خطبها داود، واشترطت عليه إن ولدت غلاما أن يكون الخليفة بعده، وكتبت عليه بذلك كتابا، وأشهدت عليه خمسين رجلا من بني إسرائيل، فلم تستقر نفسه حتى ولدت سليمان وشب، وتسور الملكان وكان من شأنهما ما قص الله في كتابه. ذكره الماوردي وغيره. ولا يصح. قال ابن لعربي: وهو أمثل ما روي في ذلك.


الصفحة التالية
Icon