عز وجل يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتزاعمان فكل يحلف بالله، أو على النفر يتزاعمون فأنقلب إلى أهلى، فأكفر عن أيمانهم إرادة ألا يأثم أحد يذكره ولا يذكره إلا بحق فنادى ربه ﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ وذكر الحديث. فقد أفادك هذا الحديث أن الكفارة كانت من شرع أيوب، وأن من كفر عن غيره بغير إذنه فقد قام بالواجب عنه وسقطت عنه الكفارة.
السادسة- استدل بعض جهال المتزهدة؛ وطغام المتصوفة بقوله تعالى لأيوب: ﴿ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ﴾ على جواز الرقص قال أبو الفرج الجوزي: وهذا احتجاج بارد؛ لأنه لوكان أمر بضرب الرجل فرحا كان لهم فيه شبهة، وإنما أمر بضرب الرجل لينبع الماء. قال ابن عقيل: أين الدلالة في مبتلى أمر عند كشف البلاء بأن يضرب برجله الأرض لينبع الماء إعجازا من الرقص ولئن جاز قوله سبحانه لموسى: ﴿ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ ﴾ دلالة على ضرب المحاد بالقضبان نعوذ بالله من التلاعب بالشرع. وقد احتج بعض قاصريهم بأن رسول الله ﷺ قال لعلي: "أنت مني وأنا منك" فحجل، وقال لجعفر: "أشبهت خلقي وخلقي" فحجل. وقال لزيد: "أنت أخونا ومولانا" فحجل. ومنهم من احتج بأن الحبشة زفنت والنبي ﷺ ينظر إليهم. والجواب: أما الحجل فهو نوع من المشي يفعل عند الفرج فأين هو والرقص، وكذلك زفن الحبشة نوع من المشي يفعل عند اللقاء للحرب.
السابعة- قوله تعالى: ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً ﴾ أي على البلاء. ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ أي تواب رجاع مطيع. وسئل سفيان عن عبدين ابتلى أحدهما فصبر، وأنعم على الآخر فشكر؛ فقال: كلاهما سواء؛ لأن الله تعالى أثنى على عبدين؛ أحدهما صابر والآخر شاكر ثناء واحدا؛ فقال في وصف أيوب: ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ وقال في وصف سليمان: ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾


الصفحة التالية
Icon