الخفض. ولا اختلاف في الثاني في أنه منصوب بـ ﴿ أَقُولُ ﴾ ونصب الأول على الإغراء أي فاتبعوا الحق واستمعوا الحق، والثاني بإيقاع القول عليه. وقيل: هو بمعنى أحق الحق أي أفعله. قال أبو علي: الحق الأول منصوب بفعل مضمر أي يحق الله الحق، أو على القسم وحذف حرف الجر؛ كما تقول: الله لأفعلن؛ ومجازه: قال فبالحق وهو الله تعالى أقسم بنفسه. ﴿ وَالْحَقَّ أَقُولُ ﴾ جملة اعترضت بين القسم والمقسم عليه، وهو توكيد القصة، وإذا جعل الحق منصوبا بإضمار فعل كان ﴿ لأَمْلأَنَّ ﴾ على إرادة القسم. وقد أجاز الفراء وأبو عبيدة أن يكون الحق منصوبا بمعنى حقا ﴿ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ ﴾ وذلك عند جماعة من النحويين خطأ؛ لا يجوز زيدا لأضربن؛ لأن ما بعد اللام مقطوع مما قبلها فلا يعمل فيه. والتقدير على قولهما لأملأن جهنم حقا. ومن رفع ﴿ الْحَقُّ ﴾ رفعه بالابتداء؛ أي فأنا الحق أو الحق مني. رويا جميعا عن مجاهد. ويجوز أن يكون التقدير هذا الحق. وقول ثالث على مذهب سيبويه والفراء أن معنى فالحق لأملأن جهنم بمعنى فالحق أن أملأ جهنم. وفي الخفض قولان وهي قراءة ابن السميقع وطلحة بن مصرف: أحدهما أنه على حذف حرف القسم. هذا قول الفراء قال كما يقول: الله عز وجل لأفعلن. وقد أجاز مثل هذا سيبويه وغلطه فيه أبو العباس ولم يجز الخفض؛ لأن حروف الخفض لا تضمر، والقول الآخر أن تكون الفاء بدلا من واو القسم؛ كما أنشدوا:
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع
قوله تعالى: ﴿ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ ﴾ أي من نفسك وذريتك ﴿ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ من بني آدم ﴿ أَجْمَعِينَ ﴾. قوله تعالى: ﴿قل ما أسألكم عليه من أجر﴾ أي من جعل على تبليغ الوحي وكنى به عن غير مذكور. وقيل هو راجع إلى قوله: ﴿ أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا ﴾ ﴿ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ﴾ أي لا أتكلف ولا أتخرص ما لم أومر به. وروى مسروق عن عبدالله بن مسعود قال:


الصفحة التالية
Icon