أصحابه وقومه، وهو كقوله: ﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾ وقوله: ﴿ أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ ﴾ وقوله: ﴿ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً ﴾ وقوله: ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً ﴾ وقوله: ﴿ فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ﴾ قال القشيري: وتوهم قوم أن الحديث من الحدوث فيدل على أن كلامه محدث وهو وهم؛ لأنه لا يريد لفظ الحديث على ما في قوله: ﴿ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ﴾ وقد قالوا: إن الحدوث يرجع إلى التلاوة لا إلى المتلو، وهو كالذكر مع المذكور إذا ذكرنا أسماء الرب تعالى. ﴿ كِتَاباً ﴾ نصب على البدل من ﴿ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ﴾ ويحتمل أن يكون حالا منه. ﴿ مُتَشَابِهاً ﴾ يشبه بعضه بعضا في الحسن والحكمة ويصدق بعضه بعضا، ليس فيه تناقض ولا اختلاف. وقال قتادة: يشبه بعضه بعضا في الآي والحروف. وقيل: يشبه كتب الله المنزلة على أنبيائه؛ لما يتضمنه من أمر ونهي وترغيب وترهيب وإن كان أعم وأعجز. ﴿ مَثَانِيَ ﴾ تثنى فيه القصص والمواعظ والأحكام وثنى للتلاوة فلا يمل. ﴿ تَقْشَعِرُّ ﴾ تضطرب وتتحرك بالخوف مما فيه من الوعيد. ﴿ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ أي عند آية الرحمة. وقيل: إلى العمل بكتاب الله والتصديق به. وقيل: ﴿ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ يعني الإسلام.
الثانية- وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، إذا قرئ عليهم القرآن كما نعتهم الله تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم. قيل لها: فإن أناسا اليوم إذا قرئ عليهم القرآن خر أحدهم مغشيا عليه. فقالت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وقال سعيد بن عبدالرحمن الجمحي: مر ابن عمر برجل من أهل القرآن ساقط فقال: ما بال هذا؟ قالوا: إنه إذا قرئ عليه القرآن وسمع ذكر الله سقط. فقال ابن عمر: إنا لنخشى الله وما نسقط. ثم قال: إن الشيطان يدخل في جوف أحدهم؛ ما كان هذا صنيع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وقال عمر بن عبدالعزيز: ذكر عند ابن سيرين الذين يصرعون إذا قرئ عليهم القرآن، فقال: بيننا وبينهم أن يقعد أحدهم على ظهر بيت باسطا رجليه، ثم يقرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره فإن رمى بنفسه فهو صادق. وقال أبو عمران