وقال ابن زيد: النوم وفاة والموت وفاة. وعن النبي ﷺ قال: "كما تنامون فكذلك تموتون وكما توقظون فكذلك تبعثون". وقال عمر: النوم أخو الموت. وروي مرفوعا من حديث جابر بن عبدالله قيل: يا رسول الله أينام أهل الجنة؟ قال: " لا النوم أخو الموت والجنة لا موت فيها" خرجه الدارقطني. وقال ابن عباس: "في ابن آدم نفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس، فالنفس التي بها العقل والتمييز، والروح التي بها النفس والتحريك، فإذا نام العبد قبض الله نفسه ولم يقبض روحه". وهذا قول ابن الأنباري والزجاج. قال القشيري أبو نصر: وفي هذا بعد إذ المفهوم من الآية أن النفس المقبوضة في الحال شيء واحد؛ ولهذا قال: ﴿ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ﴾ فإذاً يقبض الله الروح في حالين في حالة النوم وحالة الموت، فما قبضه في حال النوم فمعناه أنه يغمره بما يحبسه عن التصرف فكأنه شيء مقبوض، وما قبضه في حال الموت فهو يمسكه ولا يرسله إلى يوم القيامة. وقوله: ﴿ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى ﴾ أي يزيل الحابس عنه فيعود كما كان. فتوفي الأنفس في حال النوم بإزالة الحس وخلق الغفلة والآفة في محل الإدراك. وتوفيها في حالة الموت بخلق الموت وإزالة الحس بالكلية. ﴿ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ ﴾ بألا يخلق فيها الإدراك كيف وقد خلق فيها الموت؟ ﴿ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى ﴾ بأن يعيد إليها الإحساس.
الثانية- وقد اختلف الناس من هذه الآية في النفس والروح؛ هل هما شيء واحد أو شيئان على ما ذكرنا. والأظهر أنهما شيء واحد، وهو الذي تدل عليه الآثار الصحاح على ما نذكره في هذا الباب. من ذلك حديث أم سلمة قالت: دخل رسول الله ﷺ على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه، ثم قال: "إن الروح إذا قبض تبعه البصر" وحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألم تروا الإنسان إذا مات شخص بصره" قال: "فذلك حين يتبع بصره نفسه" خرجهما مسلم. وعنه عن النبي ﷺ قال:


الصفحة التالية
Icon