وربما ألحقوا بها الياء بعد الألف؛ لتدل على الإضافة. وكذلك قرأها أبو جعفر: ﴿ يَا حَسْرَتَاى ﴾ والحسرة الندامة ﴿ فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ﴾ قال الحسن: في طاعة الله. وقال الضحاك: أي في ذكر الله عز وجل. قال: يعني القرآن والعمل به. وقال أبو عبيدة: ﴿ فِي جَنْبِ اللَّهِ ﴾ أي في ثواب الله. وقال الفراء: الجنب القرب والجوار؛ يقال فلان يعيش في جنب فلان أي في جواره؛ ومنه ﴿ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ﴾ أي ما فرطت في طلب جواره وقربه وهو الجنة. وقال الزجاج: أي على ما فرطت في الطريق الذي هو طريق الله الذي دعاني إليه. والعرب تسمي السبب والطريق إلى الشيء جنبا؛ تقول: تجرعت في جنبك غصصا؛ أي لأجلك وسببك ولأجل مرضاتك. وقيل: ﴿ فِي جَنْبِ اللَّهِ ﴾ أي في الجانب الذي يؤدي إلى رضا الله عز وجل وثوابه، والعرب تسمي الجانب جنبا، قال الشاعر:

قسم مجهودا لذاك القلب الناس جنب والأمير جنب
يعني الناس من جانب والأمير من جانب. وقال ابن عرفة: أي تركت من أمر الله؛ يقال ما فعلت ذلك في جنب حاجتي؛ قال كثير:
ألا تتقين الله في جنب عاشق له كبد حرى عليك تقطع
وكذا قال مجاهد؛ أي ضيعت من أمر الله. ويروى عن النبي صلى أنه قال: "ما جلس رجل مجلسا ولا مشى ممشى ولا اضطجع مضطجعا لم يذكر الله عز وجل فيه إلا كان عليه ترة يوم القيامة" أي حسرة؛ خرجه أبو داود بمعناه. وقال إبراهيم التيمي: من الحسرات يوم القيامة أن يرى الرجل ماله الذي آتاه الله في الدنيا يوم القيامة في ميزان غيره، قد ورثه وعمل فيه بالحق، كان له أجره وعلى الآخر وزره، ومن الحسرات أن يرى الرجل عبده الذي خوله الله إياه في الدنيا أقرب منزلة من الله عز وجل، أو يرى رجلا يعرفه أعمى في الدنيا قد أبصر يوم القيامة وعمي هو. ﴿ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾ أي وما كنت إلا من المستهزئين بالقرآن وبالرسول في الدنيا وبأولياء الله تعالى: قال قتادة: لم يكفه أن ضيع


الصفحة التالية
Icon