قوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ﴾ أي مما حاط بهم من غضب الله ونقمته. وقال الأخفش: ﴿ تَرَى ﴾ غير عامل في قوله: ﴿ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ﴾ إنما هو ابتداء وخبر. الزمخشري: جملة في موضع الحال إن كان ﴿ تَرَى ﴾ من رؤية البصر، ومفعول ثان إن كان من رؤية القلب. ﴿أليس في جهنم مثوى للمتكبرين﴾ بين رسول الله ﷺ معنى الكبر فقال عليه السلام: "سفه الحق وغمص الناس" أي احتقارهم. وقد مضى في ﴿البقرة﴾ وغيرها. وفي حديث عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم: "يحشر المتكبرون يوم القيامة كالذر يلحقهم الصغار حتى يؤتى بهم إلى سجن جهنم".
قوله تعالى: ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا ﴾ وقرئ: ﴿ وَيُنَجِّي ﴾ أي من الشرك والمعاصي. ﴿ بِمَفَازَتِهِمْ ﴾ على التوحيد قراءة العامة لأنها مصدر. وقرأ الكوفيون: ﴿ بِمَفَازَتِهِمْ ﴾ وهو جائز كما تقول بسعاداتهم. وعن النبي ﷺ تفسير هذه الآية من حديث أبي هريرة، قال: "يحشر الله مع كل امرئ عمله فيكون عمل المؤمن معه في أحسن صورة وأطيب ريح فكلما كان رعب أو خوف قال له لا ترع فما أنت بالمراد به ولا أنت بالمعني به فإذا كثر ذلك عليه قال فما أحسنك فمن أنت فيقول أما تعرفني أنا عملك الصالح حملتني على ثقلي فوالله لأحملنك ولأدفعن عنك فهي التي قال الله :﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ أي حافظ وقائم به. وقد تقدم.
قوله تعالى: ﴿ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ واحدها مقليد. وقيل: مقلاد وأكثر ما يستعمل فيه إقليد. والمقاليد المفاتيح عن ابن عباس وغيره. وقال السدي: خزائن السماوات والأرض. وقال غيره: خزائن السماوات المطر، وخزائن الأرض النبات. وفيه لغة أخرى أقاليد وعليها يكون واحدها إقليد. قال الجوهري: والإقليد المفتاح، والمقلد مفتاح كالمنجل ربما يقلد به الكلأ كما يقلد القت إذا جعل حبالا؛ أي يفتل والجمع المقاليد. وأقلد البحر على خلق كثير أي غرقهم كأنه أغلق عليهم. وخرج البيهقي عن ابن عمر أن عثمان بن