فـ ﴿ ـمِنْ ﴾ عنده متعلقة بمحذوف صفة الرجل؛ التقدير؛ وقال رجل مؤمن منسوب من آل فرعون؛ أي من أهله وأقاربه. ومن جعله إسرائيليا فـ ﴿ مِنْ ﴾ متعلقة بـ ﴿ يَكْتُمُ ﴾ في موضع المفعول الثاني لـ ﴿ يَكْتُمُ ﴾. القشيري: ومن جعله إسرائيليا ففيه بعد؛ لأنه يقال كتمه أمر كذا ولا يقال كتم منه. قال الله تعالى: ﴿ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً ﴾ وأيضا ما كان فرعون يحتمل من بني إسرائيل مثل هذا القول.
الثانية- قوله تعالى: ﴿ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ ﴾ أي لأن يقول ومن أجل ﴿ أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ ﴾ فـ ﴿ أَنْ ﴾ في موضع نصب بنزع الخافض. ﴿ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ يعني الآيات التسع ﴿ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ﴾ ولم يكن ذلك لشك منه في رسالته، صدقه، ولكن تلطفا في الاستكفاف واستنزالا عن الأذى. ولوكان و ﴿ إِنْ يَكُنْ ﴾ بالنون جاز ولكن حذفت النون لكثرة الاستعمال على قول سيبويه؛ ولأنها نون الإعراب على قول أبي العباس. ﴿ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ﴾ أي إن لم يصبكم إلا بعض الذي يعدكم به هلكتم. ومذهب أبي عبيدة أن معنى ﴿ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ﴾ كل الذي يعدكم وأنشد قول لبيد:
تراك أمكنة إذا لم أرضها | أو يرتبط بعض النفوس حمامها |
فبعض بمعنى كل؛ لأن البعض إذا أصابهم أصابهم الكل لا محالة لدخوله في الوعيد، وهذا ترقيق الكلام في الوعظ. وذكر الماوردي: أن البعض قد يستعمل في موضع الكل تلطفا في الخطاب وتوسعا في الكلام؛ كما قال الشاعر:
قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد | يكون مع المستعجل الزلل |
وقيل أيضا: قال ذلك لأنه حذرهم أنواعا من العذاب كل نوع منها مهلك؛ فكأنه حذرهم أن يصيبهم بعض تلك الأنواع. وقيل: وعدهم موسى بعذاب الدنيا أو بعذاب الآخرة إن كفروا؛ فالمعنى يصبكم أحد العذابين. وقيل: أي يصبكم هذا العذاب الذي يقوله في الدنيا