والسعادة: ألا إن فلان بن فلان قد شقي شقاوة لا يسعد بعدها أبدا، ألا إن فلان بن فلان قد سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا. وهذا عند وزن الأعمال. وتنادي الملائكة أصحاب الجنة: ﴿ أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ وينادى حين يذبح الموت: يا أهل الجنة خلود لا موت ويا أهل النار خلود لا موت. وينادي كل قوم بإمامهم إلى غير ذلك من النداء. وقرأ الحسن وابن السميقع ويعقوب وابن كثير ومجاهد: ﴿ التَّنَادِ ﴾ بإثبات الياء في الوصل والوقف على الأصل. وقرأ ابن عباس والضحاك وعكرمة ﴿ يَوْمَ التَّنَادِ ﴾ بتشديد الدال. قال بعض أهل العربية: هذا لحن؛ لأنه من ند يند إذا مر على وجهه هاربا؛ كما قال الشاعر:

وبرك هجود قد أثارت مخافتي نواديها أسعى بعضب مجرد
قال: فلا معنى لهذا في القيامة. قال أبو جعفر النحاس: وهذا غلط والقراءة بها حسنة على معنى يوم التنافر. قال الضحاك: ذلك إذا سمعوا زفير جهنم ندوا هربا، فلا يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا وجدوا صفوفا من الملائكة، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه؛ فذلك قوله: ﴿ يَوْمَ التَّنَادِ ﴾. وقوله: ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ الآية. وقوله: ﴿ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ﴾ ذكره ابن المبارك بمعناه. قال: وأخبرنا عبدالرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثنا عبدالجبار بن عبيدالله بن سلمان في قوله تعالى: ﴿ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ. يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ﴾ ثم تستجيب لهم أعينهم بالدمع فيبكون حتى ينفد الدمع، ثم تستجيب لهم أعينهم بالدم فيبكون حتى ينفد الدم، ثم تستجيب لهم أعينهم بالقيح. قال: يرسل عليهم من الله أمر فيولون مدبرين، ثم تستجيب لهم أعينهم بالقيح، فيبكون حتى ينفد القيح فتغور أعينهم كالخرق في الطين. وقيل: إن هذا يكون عند نفخ إسرافيل عليه السلام في الصور نفخة الفزع. ذكره علي بن معبد والطبري وغيرهما من حديث أبي هريرة، وفيه فتكون الأرض كالسفينة في البحر تضربها الأمواج فيميد الناس على ظهرها وتذهل المراضع وتضع الحوامل ما في بطونها وتشيب الولدان وتتطاير الشياطين


الصفحة التالية
Icon