قوله تعالى: ﴿ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ ﴾ أي نعلمك ما منا أحد يشهد بأن لك شريكا. لما عاينوا القيامة تبرؤوا من الأصنام وتبرأت الأصنام منهم كما تقدم في غير موضع. ﴿ وَضَلَّ عَنْهُمْ ﴾ أي بطل عنهم ﴿ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ ﴾ في الدنيا ﴿ وَظَنُّوا ﴾ أي أيقنوا وعلموا ﴿ مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ ﴾ أي فرار عن النار. و ﴿ مَا ﴾ هنا حرف وليس باسم؛ فلذلك لم يعمل فيه الظن وجعل الفعل ملغى؛ تقديره: وظنوا أنهم ما لهم محيص ولا مهرب. يقال: حاص يحيص. حيصا ومحيصا إذا هرب. وقيل: إن الظن هنا الذي هو أغلب الرأي، لا يشكون في أنهم أصحاب النار ولكن يطمعون أن يخرجوا منها. وليس يبعد أن يكون لهم ظن ورجاء إلى أن يؤيسوا.
الآية: [٤٩] ﴿ لا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ ﴾
الآية: [٥٠] ﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظ ﴾
الآية: [٥٢] ﴿ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْأِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ ﴾
قوله تعالى: ﴿ لا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ ﴾ أي لا يمل من دعائه بالخير. والخير هنا المال والصحة والسلطان والعز. قال السدي: والإنسان ها هنا يراد به الكافر. وقيل: الوليد بن المغيرة. وقيل: عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأمية بن خلف. وفي قراءة عبدالله ﴿ لا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ المال﴾. ﴿ مَسَّهُ الشَّرُّ ﴾ الفقر والمرض ﴿ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ ﴾ ﴿ فَيَؤُوسٌ ﴾ من روح الله ﴿ قَنُوطٌ ﴾ من رحمته. وقيل: ﴿ يَؤُوسٌ ﴾ من إجابة الدعاء ﴿ قَنُوطٌ ﴾ بسوء الظن بربه. وقيل: ﴿ يَؤُوسٌ ﴾ أي يئس من زوال ما به من المكروه ﴿قنوطْ﴾ أي يظن أنه يدوم؛ والمعنى متقارب.


الصفحة التالية
Icon