الذين أرسلوا على طريقة مستقيمة؛ كقوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ﴾ أي الصراط الذي أمر الله به.
قوله تعالى: ﴿تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ قرأ ابن عامر وحفص والأعمش ويحيى وحمزة والكسائي وخلف: ﴿تَنْزِيلَ﴾ بنصب اللام على المصدر؛ أي نزل الله ذلك تنزيلا. وأضاف المصدر فصار معرفة كقوله: ﴿فَضَرْبَ الرِّقَابِ﴾ [محمد: ٤] أي فضربا للرقاب. الباقون ﴿تَنْزِيلُ﴾ بالرفع على خبر ابتداء محذوف أي هو تنزيل، أو الذي أنزل إليك تنزيل العزيز الرحيم. هذا وقرئ: ﴿تنزيل﴾ بالجر على البدل من ﴿القرآن﴾ والتنزيل يرجع إلى القرآن. وقيل: إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي إنك لمن المرسلين، وإنك ﴿تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾. فالتنزيل على هذا بمعنى الإرسال؛ قال الله تعالى: ﴿قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُو﴾ [الطلاق: ١١] ويقال: أرسل الله المطر وأنزله بمعنى. ومحمد ﷺ رحمة الله أنزلها من السماء. ومن نصب قال: إنك لمن المرسلين إرسالا من العزيز الرحيم. و ﴿العزِيزِ﴾ المنتقم ممن خالفه ﴿الرحِيم﴾ بأهل طاعته.
٣ - الآية: ٦ - ٨ ﴿لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ، لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ، إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ ﴾﴿مَا﴾ لا موضع لها من الإعراب عند أكثر أهل التفسير، منهم قتادة؛ لأنها نفي والمعنى: لتنذر قوما ما أتى آباءهم قبلك نذير. وقيل: هي بمعنى الذي فالمعنى: لتنذرهم مثل ما أنذر آباؤهم؛ قاله ابن عباس وعكرمة وقتادة أيضا. وقيل: إن ﴿مَا﴾ والفعل مصدر؛ أي لتنذر قوما إنذار آبائهم. ثم يجوز أن تكون العرب قد بلغتهم بالتواتر أخبار الأنبياء؛ فالمعنى لم ينذروا برسول من أنفسهم. ويجوز أن يكون بلغهم الخبر ولكن غفلوا وأعرضوا ونسوا. ويجوز أن يكون هذا خطابا لقوم لم يبلغهم خبر نبي، وقد قال الله: ﴿وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ﴾